التفاسير

< >
عرض

وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ
٤٢
-الحج

خواطر محمد متولي الشعراوي

{ وَإِن يُكَذِّبُوكَ .. } [الحج: 42] يعني: في دعوتك فيواجهونك، ويقفون في سبيل دعوتك ليبطلوها، فاعلم أنك لست في ذلك بِدْعاً من الرسل، فقد كُذِّب كثير من الرسل قبلك، وعليك أَلاَّ تلاحظ مسألة التكذيب منفصلةً عن عاقبته، نعم: كذب القوم لكن كيف كانت العاقبة؟ أتركناهم أم أخذناهم أَخْذ عزيز مقتدر؟
فلا تحزن، فسوف يحلُّ بهم ما حَلَّ بسابقيهم من المكذِّبين والمعاندين.
وقلنا: إن الرسول يتحمّل من مشقة الرسالة وعناء الدعوة على قَدْر رسالته، فكلُّ رسل الله قبل محمد كان الرسول يُرْسَل إلى قومه خاصة، وفي مدة محدودة، وزمان محدود، ومع ذلك تعبوا كثيراً في سبيل دعوتهم، فما بالك برسول بُعِثَ إلى الناس كافة في كل زمان وفي كل مكان، لا شَكَّ أنه سيتحمل من التعب والعناء أضعاف ما تحمِّله إخوانه من الرسل السابقين.
وكأن الحق - تبارك وتعالى - يُعد رسوله صلى الله علية وسلم ويُوطِّنه على تحمُّل المشاقِّ من بداية الطريق حتى لا تفتّ في عَضُده حين يواجهها عند مباشرة أمر الدعوة، يقول له: ليست السيادة أمراً سهلاً، إنما دونها متاعب وأهوال ومصاعب فاستعد، كما تنبه ولدك: انتبه، فالامتحانات ستأتي هذا العام صعبة، فالوزارة تريد تقليل عدد المتقدمين للجامعة، فاجتهد حتى تحصل على مجموع مرتفع، وحين يسمع الولد هذا التنبيه يُجمع تماسكه، ويجمع تركيزه، فلا يهتز حين يواجه الامتحانات.
ثم يذكر الحق - تبارك وتعالى - نماذج للمكذِّبين للرسل: { قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ } [الحج: 42].
ثم يقول تعالى:
{ وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَىٰ فَأمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ... }.