التفاسير

< >
عرض

فَٱتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ
١١٠
-المؤمنون

خواطر محمد متولي الشعراوي

تكلمنا عن هذه المسألة في قوله تعالى: { { إِنَّ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا ٱنقَلَبُوۤاْ إِلَىٰ أَهْلِهِمُ ٱنقَلَبُواْ فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوۤاْ إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ لَضَالُّونَ * وَمَآ أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ * فَٱلْيَوْمَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ ٱلْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى ٱلأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ ٱلْكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } [المطففين: 29-36].
إذن: اتخذ الكفار ضعاف المؤمنين محلَّ سخرية واستهزاء، وبالغوا في ذلك، حتى لم يَعُدْ لهم شُغل غير هذا، وحتى شغلهم الاستهزاء والسخرية عن التفكّر والتأمل فلم يَبْقَ عندهم طاقة فكرية تفكر فيما آمن به هؤلاء، وهذا معنى: { حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي .. } [المؤمنون: 110] أي: شغلكم الاستهزاء بالمؤمنين عن الإيمان بمَنْ خلقكم وخلقهم.
ويا ليت الأمر توقّف عند هذا الحد من السخرية، إنما تعداه إلى أن يضحكوا من أهل الإيمان، ويُضِحكوا أهلهم { وَكُنْتُمْ مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ } [المؤمنون: 110] وفي الآية الأخرى:
{ { وَإِذَا ٱنقَلَبُوۤاْ إِلَىٰ أَهْلِهِمُ ٱنقَلَبُواْ فَكِهِينَ } [المطففين: 31] وسخرية أهل الباطل من أهل الحق موجودة في كل زمان، وحتى الآن نرى مَنْ يسخرون من أهل الاستقامة والدين والورع ويتندَّرون بهم.
ثم يقول الحق سبحانه:
{ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ ٱلْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوۤاْ أَنَّهُمْ ... }.