التفاسير

< >
عرض

وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ ٱللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَآئِزُون
٥٢
-النور

خواطر محمد متولي الشعراوي

كان سيدنا الشيخ موسى شريف -رحمه الله ورضي الله عنه - يدرس لنا التفسير، فلما جاءت هذه الآية قال: اسمعوا، هذه برقية من الله تعالى: { وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ ٱللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَآئِزُون } [النور: 52] فلم تَدَع هذه الآية حُكْماً من أحكام الإسلام إلا جاءتْ به في هذه البرقية الموجزة التي جمعتْ المنهج كله.
ومعنى { يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ .. } [النور: 52] آمن بالله وأطاعه وصدَّق رسوله { وَيَخْشَ ٱللَّهَ .. } [النور: 52] أي: يخافه لما سبق من الذنوب { وَيَتَّقْهِ .. } [النور: 52] في الباقي من عمره { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَآئِزُون } [النور: 52] وهكذا جمعتْ الآيةُ المعانيَ الكثيرة في اللفظ القليل الموجز.
ومعلوم أن التعبير الموجز أصعب من الإطناب والتطويل، وسبق أنْ ذكرنا قصة الخطيب الإنجليزي المشهور حين قالوا له: إذا طُلِب منك إعداد خطاب تلقيه في ربع ساعة في كم تُعِدّه؟ قال: في أسبوع، قالوا: فإنْ كان في نصف ساعة؟ قال: أُعِدُّه في ثلاثة أيام، قالوا: فإذا كان في ساعة؟ قال: أُعِدّه في يومين، قالوا: فإنْ كان في ثلاث ساعات؟ قال: أُعِده الاّن.
وقالوا: إن سعد باشا زغلولرحمه الله أرسل من فرنسا خطاباً لصديق في أربع صفحات قال فيه: أما بعد، فإني أعتذر إليك عن الإطناب (الإطالة)؛ لأنه لا وقت عندي للإيجاز.
وبعد أنْ تحدّث القرآن عن قَوْل المنافقين وعن ما يقابله من قول المؤمنين وما ترتب عليه من حكم { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَآئِزُون } [النور: 52] ذلك لأن ذِكْر المقابل يُظهِر المقابل، كما قالوا: والضد يظهر حُسْنَه الضِّدُّ. بعدها عاد إلى الحديث عن النفاق والمنافقين، فقال سبحانه:
{ وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ ... }.