التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً
٤٦
-الفرقان

خواطر محمد متولي الشعراوي

الحق - تبارك وتعالى - يُبيِّن الحركة البطيئة للظل فيقول: { قَبْضاً يَسِيراً } [الفرقان: 46] لا تدركه أنت أبداً؛ لأن في كل لحظة من لحظات الزمن حركة فلا يخلو الوقت مهما قَلَّ من الحركة، لكن ليس لديك المقياس الذي تدرك به بُطْءَ هذه الحركة.
وقوله: { قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا .. } [الفرقان: 46] دليل على أن المسألة ليست ميكانيكاً، إنما هي بقيومية الله تعالى؛ لذلك فكأن الحق سبحانه يقول: يا عبادي ناموا مِلْءَ جفونكم، فربُّكم قيُّوم على مصالحكم لا ينام.
وأهل المعرفة يستنبطون من ظاهرة الظل أسراراً، فيروْنَ أن ظِلَّ الأشياء الشاهقة المتعالية يخضع لله تعالى، ويسجد على الأرض، رغم أنه متعالٍ شامخ، كما جاء في قوله سبحانه:
{ وَللَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُم بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ } [الرعد: 15].
وقال سبحانه:
{ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ .. } [النور: 41] فللظل حركة بطيئة لا يعلمها إلا الله؛ لأنك لا تدرك مدى صِغَرها؛ لذلك قُلْنا في الهباء: إنه نهاية ما يمكن أن يكون من التفتيت المنظور.
ثم يقول الحق سبحانه:
{ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيْلَ لِبَاساً ... }.