خواطر محمد متولي الشعراوي
قوله تعالى: { بَلْدَةً مَّيْتاً .. } [الفرقان: 49] أي: أرض بلدة مَيْتٍ، وفرْق بين ميْت وميِّت: الميْت هو الذي مات بالفعل، والميِّت هو الذي يؤول أمره إلى الموت، وإنْ كان ما يزال على قيد الحياة، ومن ذلك قوله تعالى مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم: { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيِّتُونَ } [الزمر: 30].
والأرض الميْتة هي الجرداء الخالية من النبات، فإذا نزل عليها الماء أحياها بالنبات، كما في قوله سبحانه: { وَتَرَى ٱلأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } [الحج: 5].
وقوله تعالى: { وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَآ أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً } [الفرقان: 49] يُقال سقاه وأسقاه: أسقاه: أعدَّ له ما يستقي منه، وإنْ لم يشرب الآن، لكن سقاه يعني: ناوله ما يشربه، ومن ذلك قوله سبحانه: { وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً } [الإنسان: 21].
أمّا في المطر فيقول سبحانه: { فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ .. } [الحجر: 22] أي: أعددناه لِسُقْياكم إنْ أردتم السُّقْيا.
ومعنى { وَأَنَاسِيَّ .. } [الفرقان: 49] جمع إنسان، وأصلها أناسين، وخُفِّفَتْ إلى أناسيّ.
ثم يقول الحق سبحانه:
{ وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ ... }.