التفاسير

< >
عرض

وَٱلشُّعَرَآءُ يَتَّبِعُهُمُ ٱلْغَاوُونَ
٢٢٤
-الشعراء

خواطر محمد متولي الشعراوي

الشعراء: جمع شاعر، وهو مَنْ يقول الشعر، وهو الكلام الموزون المُقفَّى، وقد اتهم الكفار رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه شاعر، وردَّ عليهم القرآن الكريم في عدة مواضع، منها قوله تعالى: { وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ } [الحاقة: 41].
وعجيب من كفار مكة، وهم العرب أهل اللسان والبلاغة والبيان، وأهل الخبرة في الكلام الموزون المُقفَّى، بحيث كانوا يجعلون للشعر أسواقاً في ذي المجاز وذي المجنَّة وعكاظ، ويُعلِّقون أجود أشعارهم على أستار الكعبة، ومع ذلك لا يستطيعون التمييز بين الشعر وأسلوب القرآن الكريم.
إذن: هم يعرفون الفَرْق، لكن يقصدون بقولهم كما حكاه القرآن:
{ أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ ٱلْمَنُونِ } [الطور: 30] يقصدون بالشعر الكلام العَذْب الذي يستميل النفس، ويُؤثِّر في الوجدان، ولو كان نثراً. وهذه ينادى بها الآن أصحاب الشعر الحر؛ لأنهم يقولون شعراً، لكنه غير موزون، وغير مُقفَّىً.
ومعنى { ٱلْغَاوُونَ } [الشعراء: 224] جمع غاوٍ. وهو الضال، وهؤلاء يتبعون الشعراء. لأنهم يؤيدون مذهبهم في الحياة بما يقولون من أشعار؛ ولأنهم لا يحكم منطقهم مبدأ ولا خُلُق، بل هواهم هو الذي يحكم المبدأ والخلق، فإنْ أحبُّوا مدحوا، وإنْ كرِهوا ذَمُّوا.
والدليل على ذلك:
{ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ ... }.