التفاسير

< >
عرض

هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ
٢
-النمل

خواطر محمد متولي الشعراوي

الهدى: يأتي بمعنيين: بمعنى الدلالة على طريق الخير، وبمعنى المعونة، فمن ناحية الدلالة هو هُدىً للمؤمن وللكافر على حَدٍّ سواء؛ لأنه دلَّ الجميع وأرشدهم، ثم تأتي هداية المعونة على حسب اتباعك لهداية الدلالة.
فمَنْ أطاع الله وآمن به وأخذ بدلالته، فكأن الحق سبحانه يقول له: أنت استأمنتني على حركة حياتك وأطعتني في أمري ونهيي، فسوف أخفف عنك وأُهوِّن عليك أمر العبادة وأُعينك عليها، وهذه هي هداية المعونة التي قال الله عنها:
{ وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ } [محمد: 17].
وكذلك الكافر الذي لم يأخذ بهداية الدلالة والإرشاد، واختار لنفسه طريقاً آخر يُعينه الله عليه، ويُيسِّر له ما سعى إليه من الكفر؛ لذلك يختم الله على قلوب الكافرين حتى لا يدخلها إيمان ولا يخرج منها كفر.
لكن الهداية هنا: أهي هداية دلالة، أم هداية معونة؟
نقول: هي هداية معونة، بدليل قوله تعالى بعدها { وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } [النمل: 2] فما كانوا مؤمنين إلا لأنهم مهديون، والبُشْرى لا تكون إلا للمؤمنين، إذن: هي معونة للمؤمنين بأنْ يزيدهم هدايةً إلى الطريق السَّويّ، وإلى جنات النعيم
{ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَٱغْفِرْ لَنَآ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [التحريم: 8].
ولو أن الهداية هنا بمعنى الدلالة التي تأتي للمؤمن والكافر لكانتْ بشرى وإنذاراً، لكن الآية { وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } [النمل: 2] فتعيَّن أن يكون المعنى هداية المعونة وهداية البشرى.