التفاسير

< >
عرض

ٱرْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ
٣٧
-النمل

خواطر محمد متولي الشعراوي

نذكر أن الملكة قالت { فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ ٱلْمُرْسَلُونَ } [النمل: 35] فكأنه يستشعر نصَّ ما قالت، وينطق عن إشراقات النبوة فيه، فيقول: {ٱرْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ لَهُمْ بِهَا ..} [النمل: 37].
وهكذا دخلتْ المسألة في طَوْر المواجهة؛ لأن كلامنا كلامُ النبوة التي لا تقبل المساومة، لا كلام الملك الذي يسعى لحطام الدنيا.
{وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ} [النمل: 37] وكأنه يكشف لهم عن قَوْل ملكتهم:
{ إِنَّ ٱلْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوۤاْ أَعِزَّةَ أَهْلِهَآ أَذِلَّةً .. } [النمل: 34] وهذه أيضاً من إشراقات النبوة.
ومعنى {لاَّ قِبَلَ لَهُمْ بِهَا ..} [النمل: 37] تقول: لا قِبَل لي بكذا. يعني: لا أستطيع مقابلته، وأنا أضعف من أنْ أقابله، أَوْ لا طاقة لي به {وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ أَذِلَّةً ..} [النمل: 37] لأنه سيسلب مُلْكهم، فبعد أنْ كانوا ملوكاً صاروا عبيداً، ثم يزيد في حِدّته عليهم {وَهُمْ صَاغِرُونَ} [النمل: 37] لأنهم قد يقبلون حالة العبودية وعيشة الرعية، فزاد {وَهُمْ صَاغِرُونَ} [النمل: 37] لأن الصَّغَار لا يكون إلا بالقَتْل والأَسْر.
ثم يقول الحق سبحانه:
{قَالَ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ ...}.