التفاسير

< >
عرض

قَالُواْ ٱطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ ٱللَّهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ
٤٧
-النمل

خواطر محمد متولي الشعراوي

اطيَّر: استعمل الطير، وهذه عملية كانوا يلجئون إليها عند قضاء مصالحهم أو عند سفرهم مثلاً، فكان الواحد منهم يُمسك بالطائر ثم يرسله، فإنْ طار ناحية اليمين تفاءل وأقبل على العمل، وإنْ طار ناحية الشمال تشاءم، وامتنع عما هو قادم عليه، يُسمُّونها السانحات والبارحات. فالمعنى: تشاءمنا منك، وممَّنْ اتبعك.
{ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ ٱللَّهِ .. } [النمل: 47] يعني: قضاء مقضيٌّ عليكم، وليس للطير دَخْل في أقداركم، وما يجري عليكم من أحكام، فكيف تأخذون من حركته مُنطلقاً لحركتكم؟ إنما طائركم وما يُقدَّر لكم من عند الله قضاء يقضيه.
وفي آية يس:
{ قَالُواْ طَائِرُكُم مَّعَكُمْ .. } [يس: 19] يعني تشاؤمكم هو كفركم الذي تمسكتم به.
لكن، لماذا جاء التشاؤم هنا، ونبيهم يدعوهم إلى الله؟ قالوا: لأنه بمجرد أنْ جاءهم عارضوه، فأصابهم قحْط شديد، وضنَّتْ عليهم السماء بالمطر فقالوا: هو الذي جَرَّ علينا القَحْط والخراب.
وقوله: { بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ } [النمل: 47] الفتنة: إما بمعنى الاختبار والابتلاء، وإما بمعنى فتنة الذهب في النار.