التفاسير

< >
عرض

وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ ٱلْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ
١٢
-القصص

خواطر محمد متولي الشعراوي

التحريم هنا لا يعني التحريم بالنسبة للمكلَّف: هذا حلال وهذا حرام، إنما { وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ ٱلْمَرَاضِعَ .. } [القصص: 12] يعني: منعناه أنْ يرضع من المرضعات اللائي يأتونَ بهن لتتقلب عليه المراضع واحدة بعد الأخرى، إلى أن تأتيه أمه.
و{ ٱلْمَرَاضِعَ .. } [القصص: 12] جمع مُرضِع، ونقول أيضاً: مرضعة، ولكل من اللفظين مدلول، على خلاف ما يظنه البعض أنهما بمعنى واحد.
واقرأ أول سورة الحج:
{ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّآ أَرْضَعَتْ .. } [الحج: 2].
المرضِع: التي من شأنها أنْ تُرضع، وصالحة لهذه العملية، لكن المرضعة التي تُرضع الآن فعلاً، وعلى حِجْرها طفل يلتقم ثديها، وفي موقف القيامة ستذهل هذه عن طفلها من هَوْل ما ترى، إذن: فالتي تذهل هي المرضعة لا المرضع.
والضمير في { فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ .. } [القصص: 12] يعود على أخت موسى؛ لأنها ما زالت في مهمة تتبُّع الولد، وقد سمعها هامان تقول { هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ } [القصص: 12] فقال لها: لا بدَّ أنك من أهل هذا الولد؟ وتعرفين قصَّته، فقالت: بل ناصحون للملك مخلصون له. وفعلاً وافقوها على ما نصحتْ به؛ لأنهم معذورون، فالولد يأبى الرضاعة من الأخريات.
ثم يقول الحق سبحانه:
{ فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ ... }.