التفاسير

< >
عرض

يَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ
٥٤
-العنكبوت

خواطر محمد متولي الشعراوي

أي: قُلْ لهم إنْ كنتم تستعجلون العذاب فهو آتٍ لا محالة، وإنْ كنتم في شوق إليه فجهنم في انتظاركم، بل ستمتلئ منكم وتقول: هل من مزيد؟ والعذاب يتناسب وقدرة المعذِّب قوة وضعفاً، وإحاطة وشمولاً، فإذا كان المعذِّب هو الله - عز وجل - فعذابه لا يُعذِّبه أحد من العالمين.
ومعنى { لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ } [العنكبوت: 54] الإحاطة أن تشمل الشيء من جميع جهاته، فالجهات أربع: شمال وجنوب وشرق وغرب، وبين الجهات الأصلية جهات فرعية، وبين الجهات الفرعية أيضاً جهات فرعية، والإحاطة هي التي تشمل كل هذه الجهات.
ومن ذلك قوله تعالى:
{ { إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا .. } [الكهف: 29] يعني: من كل جهاتهم.
ومن عجيب أمر النار في الآخرة أن النار في الدنيا يمكن أنْ تُعذِّب شخصاً بنار تحوطه لا يستطيع أنْ يُفلت منها، لكن النار بطبيعتها تعلو؛ لأن اللهب يتجه إلى أعلى، أما إنْ كانت تحت قدمك فيمكنك أنْ تدوسها بقدمك، كما تطفئ مثلاً (عُقْب) السيجارة، فحين تدوسه تمنع عنه الأكسوجين، فتنطفئ النار فيه، أما في نار الآخرة فتأتيهم من كل جهاتهم:
{ يَوْمَ يَغْشَاهُمُ ٱلْعَذَابُ ... }.