التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ
١٠٠
-آل عمران

خواطر محمد متولي الشعراوي

معنى ذلك أن الله نبّه الفئة المؤمنة إلى أن الذين يكفرون بآيات الله لن يهدأ بالهم ما دمتم أنتم - أيها المؤمنون - على الجادة، وما دمتم مستقيمين، ولن يهدأ للكافرين بآيات الله بال إلا أن يشككوا المؤمنين في دينهم، وأن يبغوها عوجاً، وأن يكفروهم من بعد إسلامهم.
وهذه قضية يجب أن ينتبه لها الذين آمنوا؛ لأن الذين يبغون الأمر عوجاً قد ضلوا وأضلوا، وهم يشهدون على هذا، ويعلمون أنّ الله غير غافل عما يعملون، فماذا يكون موقف الطائفة المؤمنة؟ إن الحق سبحانه يوضحه بقوله: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ } [آل عمران: 100].
إن أهل الكتاب يحاولون أن يصدوا المؤمنين عن سبيل الله، وليس المقصود بالصد، أن هناك من يمنع المؤمنين من الإيمان، لا، بل هي محاولة من أهل الكتاب لإقناع المؤمنين بالرجوع والارتداد عن الإيمان الذي اعتنقوه؛ فالمؤمنون هم الطائفة التي تلتزم بالتكليف من الله، لذلك يحذرهم الحق سبحانه بقوله:
{ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ، يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ } [آل عمران: 100] الحق يحدد قسماً من الذين أوتوا الكتاب، وذلك تأريخ بنزاهة وصدق وحق ودون تحامل. كأن الحق سبحانه يبلغنا أن هناك فريقاً من أهل الكتاب سيسلكون الطريق السوي، ويجيئون إلى المسلمين أرسالاً وجماعات وأفراداً مع الإسلام؛ فالحق لا يتكلم عن كل الذين أوتوا الكتاب. لذلك يقول الحق { إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ } [آل عمران: 100] إن الحق يؤرخ وهو يحمي الحقيقة، ويقول سبحانه بعد ذلك:
{ وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ ٱللَّهِ ... }.