التفاسير

< >
عرض

أَفَمَنِ ٱتَّبَعَ رِضْوَانَ ٱللَّهِ كَمَن بَآءَ بِسَخَطٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ
١٦٢
-آل عمران

خواطر محمد متولي الشعراوي

والحق سبحانه وتعالى حين يطرح بعض القضايا طرح الاستفهام، فهو يطرحها لا ليعلم هو فهو عالم، ولكن ليستنطق السامع، ونطق السامع حجة فوق خبر المخبر، فلو قال: إن الذي يتبع رضوان الله لا يساوي من ذهب إلى سخط الله لكان ذلك إخباراً منه وهو صادق فيما يقول، لكنه سبحانه يريد أن يستنطق عباده بالقضية، { أَفَمَنِ ٱتَّبَعَ رِضْوَانَ ٱللَّهِ كَمَن بَآءَ } [آل عمران: 162], "باء" أي: رجع { بِسَخَطٍ مِّنَ ٱللَّهِ } [آل عمران: 162].
لا شك أن كل من يسمع عن الفاروق بين اتباع الرضوان، أو الرجوع بالسخط يقول: إن اتباع الرضوان يرفع درجة الإنسان، والذي يبوء بالسخط يهبط إلى درك الخسران، فالقضية قالها السامع .. فكأن الحق يستنطقنا بالقضية لتكون حجة علينا، والذي يتبع رضوان الله بالطاعة، أيساويه من يرجع إلى سخط الله بالمعصية؟!
أفمن يتبع رضوان الله فلا يغُل في الغنيمة ولا يختان في الأمانة كمن غل في الغنيمة وخان في الأمانة؟
أفمن اتبع رضوان الله بأن استمع لأوامر الله حين استنفره لجهاد العدو، كمن لم يذهب لنداء الله ليكون في جند الله مقاتلاً لعدو الله، لا؛ فالذي لا يستجيب لنداء الله هو من يبوء بسخط الله.
و"السخط" هو: إظهار التقبيح، لكن إظهار التقبيح قد لا يؤثر في أناس غليظي الإحساس، لا تنفع فيهم اللعنة أو الشتائم؛ لذلك جاء سبحانه بالحكم: { وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } [آل عمران: 162] و"مأواه" أي المكان الذي يأوي ويرجع إليه هو جهنم وبئس المصير. وبعد ذلك يقول الحق:
{ هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ ٱللَّهِ ... }.