خواطر محمد متولي الشعراوي
ينقلنا الحق - تبارك وتعالى - من قصة سليمان عليه السلام إلى أهل سبأ، فما العلاقة بينهما؟ المتأمل في سور القرآن وآياته يجد بينها ترابطاً وانسجاماً، والمناسبة هنا أن سيدنا سليمان كانت له أبرز قصة في الإيمانيات والعقائد مع بلقيس ملكة سبأ، فبينهما إذن علاقة، وهذه النقلة لها مناسبتها.
وقصة سليمان والهدهد وبلقيس قصة مشهورة، وبها دلالات إيمانية عظيمة في العقيدة، وفي بيان أن الحيوان عنده دراية بالعقيدة، وبأسرار الله في كونه.
و (سَبَأ) عَلَم على رجل اسمه عمرو بن عامر، ويُلقِّبونه بمزيقباء وأبوه (ماء السماء) وقد سأل كرَّة بين نسيك رضي الله عنه سيدنا رسول الله عن سبأ فقال: (كذا وكذا ...) وكان له عشرة أولاد هم: أزد، وكِنْدة، ومَذْحج، وأشعريون، وأنمار، وغسان، وعاملة، ولَخْم، وجُذَام، وخثعم.
وقد كوَّن كل واحد منهم قبيلة كبيرة. ستة من هؤلاء ذهبوا إلى اليمن، وأربعة ذهبوا إلى الشام، الذين ذهبوا إلى اليمن عاشوا في خيرها الوفير، فَيُروى أن بلقيس لما رأتْ ماء المطر يسيح في الوديان وتتشرَّبه الأرض، فلا يستفيدون به، فكَّرت في بناء سد بين جبلين يحجز ماء المطر، وجعلت به عيوناً كالتي عندنا في القناطر الخيرية مثلاً، تفتح عند الحاجة وتعطي الماء بقدر؛ لذلك زاد الخير والنماء في اليمن، حتى سُمِّيت اليمن الخصيب واليمن السعيد.
إلا أن عرافة عندهم أو امرأة حكيمة ذات رأي قالت لسبأ هذا: إن السد سيخرب ويُغْرق ماؤه اليمن فاخرج منها، وفعلاً خرج سبأ إلى الحجاز والشام، حيث ذهب الغساسنة إلى الشام، والمناذرة إلى العراق، وأنمار إلى المدينة، وأزد إلى عمان في الأردن.
واسم سبأ بعد أنْ كان عَلَماً على شخص تعدَّى إلى أنْ صار اسماً لقبيلة، ثم اسماً للمكان الذي يسكنونه.
وقوله تعالى: { لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ .. } [سبأ: 15] أي: المكان الذي يسكنونه، والمكان الذي يعيش فيه الإنسان يُسمَّى (سكن) أو (بيت) أو (منزل)، ولكل منها معنى. والسكن هو المكان الذي يتخذه الإنسان ليسكن إليه وليطمئن فيه، ويرتاح من حركة الحياة والعمل، والإنسان لا يسكن إلا في مكان تتوفر فيه مُقوِّمات الحياة والأمن.
لذلك فإن سيدنا إبراهيم عليه السلام لما وضع زوجته وولده عند البيت دعا ربه: { { رَّبَّنَآ إِنَّيۤ أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ ٱلْمُحَرَّمِ .. } [إبراهيم: 37].
فقد كان هذا المكان جَدْباً لا زرع فيه ولا ماء، ولا مُقوِّم من مقومات الحياة إلا الهواء ومعنى { { أَسْكَنتُ .. } [إبراهيم: 37] أي: وطَّنْتهم في هذا المكان.
أما المنزل فهو المكان تنزل فيه مرة أو عدة مرات، ثم ترحل عنه لا تقيم فيه إقامة دائمة، فهو كالاستراحات التي تُجعل للطوارئ، ولا يقيم فيها أهلها إلا عدة أيام في السنة كلها.
ومن ذلك ما "رُوِى أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل ببدر سأله الصحابي الجليل الحباب بن المنذر: يا رسول الله، أهذا منزل أنزلكه الله؟ أن هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال: بل هو الرأي والحرب والمكيدة قال: إذن لا أراه لك بمنزل، فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم فننزله، ثم نُعَوِّر (نفسد) ما وراءه من القُلُب، ثم نبني عليه حوضاً فنملؤه ماء، ثم نقاتل القوم، فنشرب ولا يشربون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد أشرت بالرأي" .
إذن: السكن فيه دوام واستقرار، أما المنزل فهو استراحة، إنْ شئتَ نزلتَ به، وإنْ شئتَ رحلتَ عنه.
أما البيت فيُلاحظ فيه البيتوتة، والإنسان لا ينام نوماً مريحاً إلا في مكان يأمن فيه على نفسه وعلى ماله، فإن الخائف وكذلك الجوعان لا ينام.
ومن السكن قوله تعالى في بني إسرائيل: { { وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱسْكُنُواْ ٱلأَرْضَ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً } [الإسراء: 104].
أخذ أحد المستشرقين هذه الآية، وجعلها دليلاً على أن الأرض كلها مُبَاحة لليهود، كيف وهم في الأرض، وأنت حين تريد هذا الأمر تقول: اسكن القاهرة، اسكن طنطا مثلاً، فتعين لي مكاناً، لكن { ٱسْكُنُواْ ٱلأَرْضَ } [الإسراء: 104] لها معنى آخر، هو التقطيع الذي قال الله عنه: { { وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي ٱلأَرْضِ أُمَماً .. } [الأعراف: 168].
يعني: ليس لهم وطن مخصوص، وسوف ينساحون في الدنيا كلها، ولن يتمكن أحد من ضربهم والقضاء عليهم، وهم على هذه الحالة من التقطيع، حتى يأتي أمر الله، ويجمعهم في مكان واحد، وعندها سيسهل القضاء عليهم.
ومعنى كلمة { آيَةٌ .. } [سبأ: 15] نقول: فلان آية في الكرم، وفلان آية في الأدب .. إلخ، والمراد شيء عجيب نادر الوجود، والحق سبحانه حدثنا عن أنواع ثلاثة من الآيات: آيات كونية مثل: { { وَمِنْ آيَاتِهِ ٱلَّيلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ.. } [فصلت: 37] { { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى ٱلأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ .. } [فصلت: 39].
وآيات بمعنى معجزات وخوارق للعادة، تأتي على أيدي الرسل لتؤيدهم وتثبت صدْقهم في البلاغ عن الله، كما في قوله تعالى: { { ٱسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ .. } [القصص: 32].
ثم تُطلق الآيات على آيات الكتاب الحاملة لأحكام الله في القرآن الكريم، وهذه كلها - سواء كانت آيات كونية، أو معجزات، أو آيات القرآن - كلها عجائب، وإن كانت هذه العجائب واضحة في الآيات الكونية وفي المعجزات، فهي أيضاً واضحة في آيات الكتاب الحكيم، فالقرآن عجيبة في تنظيم حياة الناس بدليل أن الكافر به سيُضطر إلى الأخذ بأحكامه والانصياع لقوانينه، لا على أنها دين، ولكن على أنها قوانين حياة.
وسبق أنْ مثَّلْنا لذلك بأحكام الطلاق التي طالما نقدوها وهاجموها، واتهموا دين الله - ظلماً وجهلاً - بالقسوة، ثم بعد ذلك نراهم يلجئون إليه، ولا يجدون حلاً لبعض مشكلاتهم إلا في الطلاق وفي الرجوع إلى أحكام الله، مع أنهم غير مؤمنين به، وهذا منتهى الغَلَبة لدين الله أن يرجع إليه الكافر به، إنها غلبة الحق وغلبة الحجة.
وسبق أنْ قُلْنا: إن أحد المستشرقين سألنا في سان فرانسيسكو قال: في القرآن { { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ } [الصف: 9].
وبعد أربعة عشر قرناً من الزمان ما زال في الدنيا يهودية ومسيحية وبوذية ... إلخ، وهذا الكلام يدل على عدم فَهْم لمعنى الآيات، فليس المراد { { لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ .. } [الصف: 9] أن يصبح الناس جميعاً مؤمنين، بدليل قوله تعالى { { وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ .. } [الصف: 9].
إذن: فالدين سيظهر ظهور حجة وظهور غلبة على تقنيناتهم، وسوف يطرأ عليهم من مشكلات الحياة ما لا يجدون له حلاً إلا في شرع الله، وهذا هو الظهور المراد في الآية.
ثم يوضح الحق - تبارك وتعالى - ماهية الآية التي كانت لسبأ في مسكنهم، فيقول سبحانه: { جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ .. } [سبأ: 15] وما دام الله تعالى وصف هاتين الجنتين بأنهما آية، فلا بُدَّ أن فيهما عجائب، وأنهما يختلفان عن الجِنَان التي نعرفها.
وقد حدَّثنا العلماء عن هذه العجائب فقالوا عن هاتين الجنتين: لا تجد فيهما عقرباً، ولا حية، ولا ذباباً، ولا برغوثاً ... إلخ، فإنْ طرأ عليهما طارئ، وفي جسمه قُمَّل فإنه يموت بمجرد أنْ يدخل إحدى هاتين الجنتين، وهذه كلها عجائب في الجنتين.
ونلحظ هنا أن الآية مفرد والعجائب كثيرة؛ لأن كلمة آية تُطْلَق على الجمع أيضاً، ومن ذلك قوله تعالى في سيدنا عيسى عليه السلام: { { وَجَعَلْنَا ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً .. } [المؤمنون: 50] ولم يقل آيتين، قالوا: لأن الأمر العجيب الذي جمعهما واحد، فعيسى عليه السلام وُلِد من لا ذكورة، وأمه حملتْ وولَدتْ كذلك من لا ذكورة، فالآيتان آية واحدة.
ومعنى: { جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ .. } [سبأ: 15] يحتمل أنْ يكون لكل واحد منهم جنتان، واحدة عن اليمين، والأخرى عن الشمال، وبيته في الوسط، ويحتمل أن تكون الجنتان لأهل سبأ جميعاً، بمعنى أنها جِنَان موصولة عن اليمين، وجِنَان موصولة عن الشمال وَصْلاً لا يُميَّز بسور ولا حائط، مما يدل على أن الأمن كان مستتباً بينهم، وقد شاهدنا مثل هذا في أمريكا، حيث الحقول والمزارع ممتدة متصلة لا يفصلها إلا مجرد سِلْك بسيط.
وقوله سبحانه { كُلُواْ مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَٱشْكُرُواْ لَهُ .. } [سبأ: 15] كيف نفهم { كُلُواْ مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ .. } [سبأ: 15] والناس جميعاً يأكلون من رزق الله؟ قالوا: الناس يأكلون من رزق الله بالأسباب، إنما هذا رزق الله مباشرة بلا أسباب؛ لذلك يقول تعالى في موضع آخر { { كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ .. } [طه: 81].
فليس كل الرزق طيباً للأكل، إنما هنا { كُلُواْ مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ .. } [سبأ: 15] أي: كله طيب، وكله حلو، فالفاكهة في هاتين الجنتين لا يصيبها عطب، ولا يطرأ على ثمارها ما يطرأ على الثمار من فساد؛ لذلك سيقول سبحانه في آخر الآية: { بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ } [سبأ: 15].
ونعرف أن البساتين مؤونة الخدمة فيها قليلة؛ لذلك نرى الفلاح حين يضيق بزراعة الأرض وأجور العمالة يلجأ إلى زراعة الحدائق والبساتين المثمرة؛ لأنها أقلّ تكلفة، ولا تحتاج إلى رعاية كثيرة إلا وقت الإثمار.
والحق سبحانه يقول في غير هذا الموضع: { { أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ * ءَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ ٱلزَّارِعُونَ } [الواقعة: 63-64] فأثبت لهم عملاً وحرثاً، إنما المسألة هنا في هاتين الجنتين، فهي عطاء من الله بلا عمل وبلا أسباب، فالله سبحانه هو الزارع، وقد خصَّها بالجو اللطيف، لا حرَّ ولا قرَّ، ولا سآمة، ولا مخافة، ولا زهد في نعمة من النعم لتكرارها.
إذن لا عمل لهم في حدائقهم ينتج ما يستمتعون به، إنما عملهم أنْ يشكروا المُنعِمَ سبحانه ليزيدهم من الخيرات، وشكْر النعمة هو حكمة العبد مع مولاه؛ لذلك قال سبحانه عن لقمان: { { وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ ٱلْحِكْمَةَ .. } [لقمان: 12] ما هذه الحكمة؟ { { أَنِ ٱشْكُرْ للَّهِ.. } [لقمان: 12] لأن شكر النعمة يزيدها.
وقوله سبحانه: { بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ .. } [سبأ: 15] يعني: تعطيك طيب الأشياء بدون منغصات فيها؛ لأن هناك أشياء تعطيك طيباً تهنأ به، لكنها تتعبك وتنغِّصك فيما بعد.
أما هذه البلدة فما فيها طيب تأكله هنيئاً مريئاً؛ لأنها رزق الله بدون أسباب من العباد، لكن حين يتدخل العباد في عطاء الله تظهر في النعم متاعب ومنغِّصات، وهذا ما نعاني منه الآن بسبب التدخل في المزروعات بالمواد الكيماوية والمبيدات الحشرية، التي أفسدت علينا حياتنا، وجاء ضررها أكثر من نفعها حتى أصبحنا نعزو كل الأمراض إلى تدخّلنا في عطاء الله، ولو تركنا الأرض تُروى بماء السماء كما كان في البداية لذُقْنا الخير بلا مُنغِّصات، فمن الضروري أن نتأدب مع الله في عطائه.
لذلك تجد كثيراً من المترفين والمثقفين وأهل العلم والفلاسفة يحبون الخروج من ضوضاء المدن وتلوث هوائها ومياهها وما فيها من صخب ويخرجون إلى الريف أو البراري، يهربون من الآثار الضارة للحضارة الحديثة إلى الخلاء، حيث يعيش راعي الأغنام، حيث الطبيعة كما خلقها الله، وحيث الفطرة السليمة التي لم يتدخل فيها البشر.
تذكرون في الماضى، كنا نقاوم دودة القطن مقاومة يدوية طبيعية، فلما تقدمت العلوم جاءوا بمادة (دى دى تي) للقضاء على دودة القطن، لكن هذه المادة السامة أماتتْ كل شيء في الحقول، قضَتْ على الأسماك في الترع والمصارف، وقضتْ على (أبى قردان) صديق الفلاح، ولوَّثت الماء والمزروعات ... إلخ. أما دودة القطن فهي الوحيدة التي أخذت مناعة، وأصبحت كما قلنا (كييفة) دى دى تي.
أما سبأ فكانت { بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ .. } [سبأ: 15] بكل ما فيها من طيب الماء والهواء والتربة لم يُصِبْها تلوث من أىِّ نوع، وإذا كانت البلدة نفسها طيبة، فما بالك بما عليها؟
وفى الآية طلبان { كُلُواْ مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَٱشْكُرُواْ لَهُ .. } [سبأ: 15] وفيها تحذير: إياك أنْ تغتر بالنعمة، وتظن أنها أصبحت ملكاً لك، وتنسى المنعم بها عليك، إياك أنْ تكون كالذي قال الله فيه { { كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ * أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ } [العلق: 6-7].
إياك أن تظن أنك أصيل في هذه المسألة، وظلّ دائماً على ذِكْر بأن المنعم هو الله، وأن ما أنت فيه هو من عطاء الله، ثم بعد ذَلك عليك أن تشكره سبحانه؛ لأن الشكر قيد النعم.
وفي موضع آخر، تكلم الحق سبحانه عن شكر النعمة فقال: { { وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ ٱلشَّكُورُ } [سبأ: 13] والحمد لله أنه سبحانه لم يقُلْ: وقليل من عبادي الشاكر، وتعلمون أن الشكور صيغة مبالغة من الشكر، أو الشكور هو الذي يشكر على النعمة، ثم يشكر الله على أن ألهمه أنْ يشكر على النعمة، فكأنه قدَّم الشكر مرتين.
ثم لم يَقْصُر النعمة على أهل سبأ في الدنيا وحَسْب، إنما تعدَّت نعمته عليهم إلى الآخرة، ففى الدنيا { بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ .. } [سبأ: 15] وفي الآخرة { وَرَبٌّ غَفُورٌ } [سبأ: 15] يعني: يتجاوز عنكم إنْ حدثت منكم زَلَّة أو هفوة.
ثم يُبيِّن الحق سبحانه النتيجة وردَّ فِعْلهم: فيقول:
{ فَأَعْرَضُواْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ ٱلْعَرِمِ... }.