التفاسير

< >
عرض

قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ لِلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُوۤاْ أَنَحْنُ صَدَدنَاكُمْ عَنِ ٱلْهُدَىٰ بَعْدَ إِذْ جَآءَكُمْ بَلْ كُنتُمْ مُّجْرِمِينَ
٣٢
-سبأ

خواطر محمد متولي الشعراوي

يرد الذين استكبروا: { أَنَحْنُ صَدَدنَاكُمْ عَنِ ٱلْهُدَىٰ بَعْدَ إِذْ جَآءَكُمْ بَلْ كُنتُمْ مُّجْرِمِينَ } [سبأ: 32] يعني: ما منعناكم عن الهدى، وما حُلْنَا بينكم وبين الإيمان { بَلْ كُنتُمْ مُّجْرِمِينَ } [سبأ: 32] يعني: بطبيعتكم، فقد وجدتم طريقنا سهلاً، وعبادتنا لا تكليف فيها ولا مسئولية، ليس فيها صوم ولا صلاة ولا زكاة، ولو فكرتم واعملتُم عقولكم ما تبعتمونا.
وهذا هو نفسه منطق الشيطان حين يناقش أولياءه يوم القيامة، ويقول لهم:
{ { وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوۤاْ أَنفُسَكُمْ مَّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ } [إبراهيم: 22].
الفعل أصرخ يُصرخ فهو مُصرخ، اسم فاعل للذي يصرخ ويستجير بغيره لينقذه من أمر فوق طاقته وإمكاناته، فإن أنقذه يُقال: أصرخه يعني: أزال صراخه والمفعول منه مُصْرَخ به، والمعنى في قول الشيطان: إنني لا أستطيع أن أزيل صراخكم، وأنتم لا تستطيعون أن تزيلوا صراخي، فالمسألة انتهت، ولا ينفع أحداً ولا ينقذه إلا عمله الصالح.
ثم يردُّ الذين اسْتُضْعِفوا ويُرجِعون القول إلى الذين استكبروا مرة أخرى، يقولون:
{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ بَلْ مَكْرُ ٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَآ أَن نَّكْفُرَ بِٱللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ... }.