التفاسير

< >
عرض

تَنزِيلَ ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ
٥
-يس

خواطر محمد متولي الشعراوي

وساعةَ تسمع كلمة { تَنزِيلَ } [يس: 5] فاعلم أنه من جهة العلو، وإنْ كان المنزَّل في باطن الأرض؛ لأنه في واقع الأمر جاء من الأعلى، كما في قوله تعالى: { { وَأَنزَلْنَا ٱلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ } } [الحديد: 25] فالحديد لا تنظر إلا أن مقرَّه في الأرض، لكن انظر إلى عُلُوِّ خالقه؛ لذلك أعطاه الله صفتين: صفةً دنيوية، وأخرى دينية. { { فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ } [الحديد: 25] فالبأس الشديد لأعداء الله { { وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِٱلْغَيْبِ } [الحديد: 25] فهذه للآخرة، وفيه منافع للناس أي: في الدنيا؛ لذلك تجده المعدن الشائع الانتفاع به، والأكثر قوةً وصلابةً.
وقوله تعالى: { ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ } [يس: 5] ذكر سبحانه هنا صفة العزة وصفة الرحمة؛ لأن التنزيل من أعلى منهج يقيد حركة الإنسان بافعل كذا، ولا تفعل كذا، وأنت مختار تطيع أو تعصي، فالحق الذي شرع لك هذا المنهج يريد لك الخير؛ لأنه سبحانه لا يعود عليه شيء من طاعتك ولا تضره معصيتك.
إذن: أنت المقصود من هذه المسألة؛ لأن الله تعالى عزيز عن خَلْقه، ورحيم بهم، فإذا نظرتَ إلى العاصي المخالف لمنهج الله، فالله عزيز قادر على الانتقام، لا يقدر أحد أن يأخذك من قبضته تعالى، وإذا نظرتَ إلى المطيع، فالله رحيم.
وعلة الإنزال:
{ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أُنذِرَ آبَآؤُهُمْ ... }.