التفاسير

< >
عرض

إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ
١٦٠
فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ
١٦١
مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ
١٦٢
إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ ٱلْجَحِيمِ
١٦٣
-الصافات

خواطر محمد متولي الشعراوي

مناسبة قوله تعالى هنا { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } [الصافات: 160] استثناء من قوله تعالى { { إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } [الصافات: 158] فاستثنى اللهُ عباده المخلصين أنْ يدخلوا مع هؤلاء المحضرين للعذاب. وقوله: { فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ } [الصافات: 161] أي: من دون الله { مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ } [الصافات: 162] يعني: أنتم وما تعبدون من دون الله لا تفتنوا خَلْقي عليَّ. يعني: لا تُفْسِدوا الخَلْق على الله تعالى، يُقَالُ: فتن فلان على فلان زوجته. يعني: أفسدها عليه، والمعنى: أنتم لا تستطيعون أنْ تفسدوا بيني وبين ملائكتي.
وكيف والملائكة أنفسهم ما خُلقوا إلا لعبادتي وحبي
{ { يُسَبِّحُونَ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ } [الأنبياء: 20] كيف تفسدونهم وهم بريئون منكم ومن عبادتكم لهم، بل ويلعنونكم. إذن: كيف تفسدونهم على الله؟
والحق سبحانه في موضع آخر يردُّ عليهم:
{ { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ .. } [الإسراء: 57] يعني: هؤلاء الذين يعبدونهم من دون الله هم أنفسهم يبتغون إلى الله الوسيلة التي تقرِّبهم إليه.
وفي موضع آخر قال:
{ { قُلْ لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لاَّبْتَغَوْاْ إِلَىٰ ذِي ٱلْعَرْشِ سَبِيلاً } [الإسراء: 42].
إذن: ما أنتم بفاتني هؤلاء المعبودين على ربهم؛ لأنهم أخلصوا لله العبادة ويتنافسون في التقرُّب إليه.
وقوله: { إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ ٱلْجَحِيمِ } [الصافات: 163] أي: إلا مَنْ يرضي بالعبودية من البشر فمصيره النار؛ لذلك لما أراد سبحانه أنْ يُبكِّتَ الذين عبدوا الحجارة قال: انظروا فلن تُعذَّبوا في النار إلا بالحجارة لِتَرَوْا معبودكم معكم ومثلكم في النار. فإنْ قَلْت: وما ذنبُ هذه الأحجار التي عُبِدت من دون الله؟
يقول سبحانه:
{ وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ ... }.