التفاسير

< >
عرض

وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ عِينٌ
٤٨
كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ
٤٩
-الصافات

خواطر محمد متولي الشعراوي

هذا وَصْف لنساء الجنة فهُنَّ { قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ.. } [الصافات: 48] يعني: تغضّ بصرها، فلا تنظر إلى غير زوجها، وقلنا: إن أغلى ما يتملّكه الإنسان يمكن أنْ يهبه لغيره، فأنت تُعِيرُ صاحبك سيارتك مثلاً أو بيتك أو ثوبك .. الخ
أما المرأة فهي الشيء الوحيد الذي لا تقبل مجرد النظرة إليها، لِمَا لها من خُصُوصية ومنزلة، كذلك تحبُّ من زوجتك ألاَّ تمتدَّ عَيْنُها إلى غيرك، وهذه من صفات أهل الجنة فَهُنَّ { قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ.. } [الصافات: 48] تقصر نظرها على زوجها، وهُنَّ كما في آية أخرى:
{ { حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي ٱلْخِيَامِ } [الرحمن: 72] يعني: مأسورات محفوظات لأزواجهن.
فالحق سبحانه يحفظ حُسْن المرأة، ويحرص على التكوين العفيف في المجتمع، ليأتيَ النسْلُ شريفاً طاهراً، وهذه المقاييس التي للمؤمنة في الدنيا هي كذلك في الآخرة، فكأن الحق سبحانه يُطمئن الأزواج على هذه الخصوصية، ويؤكد أن الزوجة فيها لا يشاركه فيها أحد، ولو حتى بالنظرة.
ومعنى { عِينٌ } [الصافات: 48] عين جمع عَيْناء. يعني: واسعة العينين مع حُسْنهما، وهذه من علامات الملاحة والحُسْن في المرأة عند العرب؛ لذلك من المقاييس التي وضعوها للجمال أنَّ العين تكون واسعة، والفم ضيق، بحيث إذا قِيسَتْ عينها بفمها، كانت عينُها أوسع.
ومعنى (عندهم) يعني: في حَوْزتهم؛ لأنها من مَتَاع الجنة، فمَنِ اشتهى منهن شيئاً وجده وإلاَّ ترفَّع عنها، لكن هي موجودة عندهم.
ثم يصفهُنَّ سبحانه بقوله: { كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ } [الصافات: 49] كلمة { بَيْضٌ } [الصافات: 49] جمع بيضة، والمراد بيضة النعام؛ لأنها أكبر وأجمل في اللون. ويقولون لمن يحمى الجِمَال في قبيلته: يحمى بيضتها؛ لذلك وصف البيض هنا بأنه { مَّكْنُونٌ } [الصافات: 49] مُصَان مستور لم تُمَدّ إليه يَدٌ.