التفاسير

< >
عرض

أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ ٱللَّهَ هَدَانِي لَكُـنتُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ
٥٧
أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى ٱلْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَـرَّةً فَأَكُونَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ
٥٨
-الزمر

خواطر محمد متولي الشعراوي

قوله تعالى: { أَوْ تَقُولَ } [الزمر: 57] أي: النفس { لَوْ أَنَّ ٱللَّهَ هَدَانِي } [الزمر: 57] أي: في الدنيا { لَكُـنتُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ } [الزمر: 57] وهذا عجيب، عجيبٌ أنْ تكذب حتى في الآخرة، لأن معنى { لَوْ أَنَّ ٱللَّهَ هَدَانِي } [الزمر: 57] أنه سبحانه لم يهدك وهذا كذب.
يقول الإنسان مدافعاً عن نفسه: إن عدم وجودي في صَفِّ المتقين أن الله لم يهدني، هذه كذبة لأن الله هداك ودلَّكَ وأرشدك إلى طريق الخير وبيَّن لك الحلال والحرام، لكنك لم تتبع هَدْيه ولم تَسِر على منهجه { أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى ٱلْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَـرَّةً } [الزمر: 58] يعني: عودة ورجعة إلى الدنيا مرة أخرى.
كما قال سبحانه في موضع آخر:
{ { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ٱرْجِعُونِ } [المؤمنون: 99] هذه كلها أماني كاذبة فلا تُصدِّقوهم، فلو رجعوا لعادوا لما كانوا عليه وكما كذبوا في الأولى { لَوْ أَنَّ ٱللَّهَ هَدَانِي } [الزمر: 57] كذبوا في { فَأَكُونَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ } [الزمر: 58].
والكذب قد يُتصوَّر من الإنسان في الدنيا، لكن عجيبٌ أنْ يكذب في الآخرة، وهو بين يدَيْ ربه عز وجل، لذلك سيقول الحق بعدها:
{ { وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ٱللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ } [الزمر: 60].
والظاهر أن الكذب (علق) معهم وتعوَّدوا عليه حتى أخذوه معهم في الآخرة.
ثم يردُّ الحق على هذا الكذب فيقول سبحانه:
{ بَلَىٰ قَدْ جَآءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَٱسْتَكْبَرْتَ ... }.