التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ يَتَحَآجُّونَ فِي ٱلنَّـارِ فَيَقُولُ ٱلضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْـبَرُوۤاْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِّنَ ٱلنَّارِ
٤٧
قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤاْ إِنَّا كُلٌّ فِيهَآ إِنَّ ٱللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ ٱلْعِبَادِ
٤٨
-غافر

خواطر محمد متولي الشعراوي

معنى: { يَتَحَآجُّونَ } [غافر: 47] أي: يُحاج بعضهم بعضاً في النار، ويُلقي كل ٌّ منهم التبعة على الآخر، يقول (الضُّعَفَاءُ) أي: الأتباع { لِلَّذِينَ ٱسْتَكْـبَرُوۤاْ } [غافر: 47] أي: الزعماء والرؤساء { إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً } [غافر: 47] يعني: تابعين لكم نفعل كما تفعلون، كنا نسير خلفكم ونقتدي بكم { فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِّنَ ٱلنَّارِ } [غافر: 47] يعني: هل أنتم مدافعون عنا أو دافعون عنا عذاب النار، أو هل تحملون عنا ذنوبنا؟
والقرآن يعطينا صوراً عدة للمحاجَّة وللجدال يوم القيامة، نقاش بين المؤمنين والكافرين، بين الأقوياء المتبوعين والضعفاء التابعين، قال تعالى:
{ { هَٰأَنْتُمْ هَـٰؤُلاۤءِ جَٰدَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا فَمَن يُجَٰدِلُ ٱللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ أَمْ مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً } [النساء: 109].
ثم يردّ المتبوعون: { قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤاْ إِنَّا كُلٌّ فِيهَآ إِنَّ ٱللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ ٱلْعِبَادِ } [غافر: 48] وما دام الله قد حكم بين العباد فقد قُضِي الأمر، ولا رادَّ لقضاء الله، ولا ناقضَ لحكمه، وكيف يدافعون عنهم وقد سبقوهم إلى النار، اقرأ قوله تعالى في موضع آخر:
{ { ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ عِتِيّاً } [مريم: 69].
وقال عن فرعون:
{ { يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ ٱلنَّارَ وَبِئْسَ ٱلْوِرْدُ ٱلْمَوْرُودُ } [هود: 98]. { { يَقْدُمُ قَوْمَهُ } [هود: 98] يعني: يتقدمهم ويسبقهم إلى النار حتى يقطع عنهم الأمل في النجاة، ولو تقدَّموا هم لَقالُوا: سيأتي زعيمنا ويُخلِّصنا مما نحن فيه، فكيف وقد سبقهم إليها، ففي هذا تيئيسٌ لهم وقَطْعٌ لآمالهم.
ثم يقول الحق سبحانه:
{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ فِي ٱلنَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ... }.