التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ فَإِذَا جَـآءَ أَمْرُ ٱللَّهِ قُضِيَ بِٱلْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلْمُبْطِلُونَ
٧٨
-غافر

خواطر محمد متولي الشعراوي

نعم ذكر الحق سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم أسماء بعض الرسل، وعددهم في القرآن خمس وعشرون، قال الناظم:

فِي تِلْك حجتنا منهم ثمانيةٌ من بَعْد عشر ويَبْقَى سَبْعةٌ وَهُمُو
إدْريس هُود شُعَيْب صَالح ذُو الكِفْل آدم بالمخْتَارِ قَدْ خُتِموا

لكن الحق سبحانه يقول في موضع آخر: { { وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ } [فاطر: 24] وهذا يعني أن الذين لم يُذكروا من الرسل كثيرون. { { وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ .. } [الرعد: 38] ما مناسبة هذه هنا؟ قالوا: لأنهم كانوا يقترحون عليه الآيات، كما قال سبحانه: { { وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ ٱلأَرْضِ يَنْبُوعاً * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ ٱلأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً } [الإسراء: 90-91] يعني: لتستديم هذه الجنة { { أَوْ تُسْقِطَ ٱلسَّمَآءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِٱللَّهِ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ قَبِيلاً * أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَىٰ فِي ٱلسَّمَآءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ .. } [الإسراء: 92-93] فماذا كان جوابه: { { قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَّسُولاً } [الإسراء: 93] يعني: ما أنا إلا رسول من الله أبلغ ما أرسلت به.
والحق سبحانه أوضح لنا حينما لا يجيبهم إلى ما طلبوا من الآيات أنهم لم يكتفوا بما عندهم ولم يقنعوا به، فطلب الآيات بعد ذلك يُعَد طعناً في الآية السابقة هذه واحدة، وأيضاً هناك أُنَاس طلبوا الآيات فأجابهم الله، ومع ذلك كفروا بها. إذن كَوْني أجاريهم في طلب الآيات عبثٌ لا فائدة منه، لذلك قال سبحانه:
{ { وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِٱلآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلأَوَّلُونَ .. } [الإسراء: 59] أي: الآيات المطلوبة.
وقوله سبحانه: { فَإِذَا جَـآءَ أَمْرُ ٱللَّهِ قُضِيَ بِٱلْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلْمُبْطِلُون } [غافر: 78] معنى { قُضِيَ بِٱلْحَقِّ .. } [غافر: 78] ما دام القضاء بالحق، فقد فاز المؤمنون وخسر { هُنَالِكَ .. } [غافر: 78] أي: في الآخرة { ٱلْمُبْطِلُون } [غافر: 78] الكافرون أهل الباطل، وهذه هي النهاية الطبيعية والجزاء من جنس العمل.