التفاسير

< >
عرض

وَقِهِمُ ٱلسَّيِّئَاتِ وَمَن تَقِ ٱلسَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ
٩
-غافر

خواطر محمد متولي الشعراوي

قوله سبحانه (وَقِهِمُ) فعل أمر أو دعاء هنا من الفعل وَقَى أي: يا ربِّ جنِّبهم المعاصي، ويصح أنْ نقول: قِهِم السيئات. يعني: جنِّبهم عقوبةَ المعاصي، أو جنِّبهم المعاصي ذاتِها، وعين الرحمة أنْ يجنبك الله المعاصي والسيئات، لذلك قال: { وَمَن تَقِ ٱلسَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ .. } [غافر: 9].
وهذه مثل قوله تعالى في شأن القرآن الكريم:
{ { وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ .. } [الإسراء: 82] فالشفاء يكون للداء الموجود بالفعل في النفس الإنسانية، فالقرآن يعالج مثلاً داءات الشُّح والجُبْن والكذب .. إلخ، أما الرحمة فهي ألا يأتي الداء أصلاً، ولا شكَّ أنْ تجنُّب الداء بداية أفضلُ من معالجته كما يقولون: الوقاية خير من العلاج.
{ وَذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } [غافر: 9] نعم، وأيُّ فوز أعظم من أنْ يُجنِّبك الله السيئات فلا تقع فيها؟ كلمة الفوز تعني الفلاح والنجاح، ووُصِف بأنه عظيم لأنك قد تفوز في الدنيا بالمال أو بالمنصب أو بالأولاد، هذا فوز لكن الفوز العظيم في الآخرة لأنه فوز باقٍ ودائم، أما فوز الدنيا فمآله أن ينتهي.
ثم يقول الحق سبحانه:
{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ ... }.