التفاسير

< >
عرض

وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ
٢٥
-فصلت

خواطر محمد متولي الشعراوي

معنى { وَقَيَّضْنَا لَهُمْ .. } [فصلت: 25] يعني: أعددنا لهم وهيّأنا لهم { قُرَنَآءَ .. } [فصلت: 25] أصحاباً يلازمونهم، وأصل المقايضة في البيع والشراء كأنْ تدفع الثمن وتأخذ السلعة؛ لأن الله تعالى يريد للعبد أنْ يسير على طريق الخير الذي رسمه الله له، وطريق الخير المرسوم لك من الله يريد منه أنْ يؤكد صدقك في التوجه إليه، فيأتي بقرناء يعترضون طريقك ويحاولون صَرْفك عنه.
فإنْ أطعتَ هؤلاء القرناء ملْتَ معهم وضللتَ طريقك الذي اختاره الله لك، وإنْ عصيتهم فقد نجوْتَ وخابت معك حيل الشيطان الذي يُزيِّن لك سواء من شياطين الإنس أو من شياطين الجن.
فكأن الشيطان ما جاء إلا ليختبر إيمان المؤمن فهو يُوسوس للجميع، ويُزيِّن الشر للجميع، لكن قويّ الإيمان يقف أمام هذه الوسوسة ويعرف مصدرها فلا يطيع، أما ضعيف الإيمان فينقاد ويقع في المخالفة، ولولا وجود الشيطان لكان الإيمانُ رتابةً لا معارضَ لها، لكن وُجِد المعارض، ومع ذلك ثبت أهل الإيمان على إيمانهم.
قوله: { فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ .. } [فصلت: 25] ما بين أيديهم: الموجود الحالي من الشهوات، وما خلفهم: أي: ما ينتظرهم من أمر القيامة والحساب { وَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ } [فصلت: 25].