التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ يُحَآجُّونَ فِي ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مَا ٱسَتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ
١٦
-الشورى

خواطر محمد متولي الشعراوي

قوله تعالى: { وَٱلَّذِينَ يُحَآجُّونَ فِي ٱللَّهِ .. } [الشورى: 16] أي يجادلون في دين الله، يجادلون مَنْ؟ يجادلون الذين استجابوا لدعوة الحق { مِن بَعْدِ مَا ٱسَتُجِيبَ لَهُ .. } [الشورى: 16] يقولون لهم: ديننا أقدم من دينكم، ورسولنا أقدم من رسولكم، والقرآن يشهد لنا أننا الأفضل في العالمين، يريدون من ذلك الجدل أنْ يردوهم عن إيمانهم.
هؤلاء { حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِمْ .. } [الشورى: 16] يعني: حجة باطلة لا تُقبل عند الله تعالى، ولا يصح أنْ يُلتفت إليها أبداً { وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ .. } [الشورى: 16] أي: غضب من الله، لماذا؟ لأنهم لم يكتفوا بأنهم كافرون في أنفسهم، إنما أرادوا أنْ يأخذوا غيرهم إلى الكفر، وبذلك يحملون أوزارهم وأوزار مَنْ أضلوهم، فاستحقُّوا هذا المصير، وهو غضب الله عليهم، والغضب هو أول مراحل العذاب.
لذلك في حديث قدسي بيَّن الحق سبحانه حال جماعة غضب الله عليهم، ثم أمر بالحجاب عنهم، ثم لعنهم ثم طردهم من رحمته تعالى، ولتوضيح هذه المسألة نقول - ولله المثل الأعلى - مثل رجل عنده شركة فيها موظفون وفيها عمال، فواحد منهم ارتكب خطأ أغضب صاحب الشركة فتغيَّر قلبه من ناحيته لكن تركه في عمله ثم ارتكب خطأ آخر، فقال له: ابتعد عني لا تجعلني أرى وجهك وكأنه ضرب بينه وبينه حجاباً حتى لا يراه، ثم في المرحلة الأخيرة قال: هذا الموظف لا بدَّ أنْ يُطرد من العمل.
كذلك الحق سبحانه غضب على هؤلاء، ثم ضُرب دونهم حجابٌ ثم لعنهم ثم طردهم من رحمته تعالى { وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } [الشورى: 16] أي: في الآخرة.