التفاسير

< >
عرض

وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ مِّن بَعْدِهِ وَتَرَى ٱلظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَىٰ مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ
٤٤
-الشورى

خواطر محمد متولي الشعراوي

قوله تعالى { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ .. } [الشورى: 44] يعني: يحكم الله عليه بالضلال، لأن الهدى هدى الله، وهو سبحانه قد بيَّن للناس طريق الخير وطريق الشر بالدلالة على الخير والنهي عن الشر.
وهذه الهداية التي نسميها هداية الدلالة والإرشاد جعلها الحق سبحانه للمؤمن وللكافر، فالله دلَّ الجميع، المؤمن أخذ هذه الهداية فعمل بما فيها وسار على نهجها في الأمر وفي النهي، فزاده الله هدى.
أما الكافر فتجاهل هذه الهداية ولم يعمل بها فزاده اللهُ من الضلال الذي اختاره لنفسه، فالذي يريد شيئاً ويعشقه يزيده الله منه سواء المؤمن أو الكافر، لذلك قال عن المؤمن:
{ { وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ } [محمد: 17] أما الكافر فقد ختم على قلبه حتى لا يخرج منه كفره ولا يدخله نور الإيمان.
وقوله: { فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ .. } [الشورى: 44] أي: يُواليه وينصره { مِّن بَعْدِهِ .. } [الشورى: 44] أي: من بَعْد الله تعالى { وَتَرَى ٱلظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَىٰ مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ } [الشورى: 44] هل من طريق للرجوع إلى الدنيا مرة أخرى لنتوب ونعمل العمل الصالح؟ استفهام العاجز الذي لا حيلة له، وما حيلتهم للرجوع وقد عاينوا العذاب الذي طالما كذَّبوه وكفروا به في الدنيا.
والحق سبحانه يُكذِّبهم في هذا الزعم، ففي آية أخرى يقول سبحانه: والخطاب لسيدنا رسول الله:
{ { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ فَقَالُواْ يٰلَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَٰتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ * بَلْ بَدَا لَهُمْ مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } [الأنعام: 27-28].
وفي موضع آخر قال سبحانه في الرد عليهم
{ { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ٱرْجِعُونِ * لَعَلِّيۤ أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } [المؤمنون: 99-100].