التفاسير

< >
عرض

أَفَأَنتَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ أَوْ تَهْدِي ٱلْعُمْيَ وَمَن كَانَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ
٤٠
-الزخرف

خواطر محمد متولي الشعراوي

المعنى - والخطاب هنا لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم - وفِّر نفسك يا محمد، ولا تُجهدها ولا تُحملها مَا لا تُطيق في سبيل هداية هؤلاء.
ووصفهم بالصمم وبالعمى مع أنهم في واقع الأمر يُبصرون ويسمعون، يسمعون الحق ولا يتبعونه، ويروْنَ الطريق المستقيم ولا يسلكونه، فصار مثل الأصم الذي لا يسمع، ومثل الأعمى الذي لا يرى.
لذلك قال سبحانه في موضع آخر:
{ { فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى ٱلأَبْصَارُ وَلَـٰكِن تَعْمَىٰ ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ } [الحج: 46] إذن: هم مُعرضون معاندون متكبِّرون عن قبول الحق.
وهذا هو معنى الضلال في { وَمَن كَانَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } [الزخرف: 40].
وهل هناك ضلال أبْيَن وأوضح من ضلال مَنْ يرى الحق ولا يتبعه؟
والحق سبحانه وتعالى لا يخاطب نبيه صلى الله عليه وسلم هذا الخطاب إلا إن كان فعلاً يشقُّ على نفسه، ويكاد أن يهلكها في سبيل دعوته؛ لذلك خاطبه ربه بقوله:
{ { فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَسَفاً } [الكهف: 6] وخطابه بقوله { { إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ } [الشورى: 48] ذلك لأن رسول الله كان محباً لرسالته، ومحباً لمنهجه، محباً لأمته جميعاً يريد أنْ يُذيقهم ما ذاق من حلاوة الإيمان، يريد أنْ يُطبِّق في نفسه أنْ تحب لأخيك ما تحبّ لنفسك.