التفاسير

< >
عرض

لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِّنْهَا تَأْكُلُونَ
٧٣
-الزخرف

خواطر محمد متولي الشعراوي

سبق أنْ ذكر الحق سبحانه الطعام والشراب في الجنة وأنها في صِحَاف وفي أكواب وهذه معروفة للعرب، وهنا يذكر أن من نِعَم الجنة الفاكهة، والعرب لم تكُنْ تعهد الفاكهة ولا تعرف الكثير منها، لذلك خَصَّ الفاكهة بعد ذكر الطعام والشراب، والفاكهة بعد الطعام والشراب دليل على الرفاهية والمتعة التامة، والفاكهة من التفكّه. يعني: ليست من الضروريات بل من الرفاهية (فنطظية يعني).
الحق سبحانه وتعالى أعطانا ضروريات الحياة من المأكل والمشرب والملبس، ثم زادنا ما نُرفِّه به حياتنا، اقرأ مثلاً:
{ { يَٰبَنِيۤ ءَادَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ ٱلتَّقْوَىٰ ذٰلِكَ خَيْرٌ .. } [الأعراف: 26] فاللباس الذي يُواري السوءة من الضروريات ورياش للزينة والترفَه، ثم نبَّه إلى ما هو أهمّ من اللباس المادي، إنه اللباس المعنوي الذي يسترك في دنياك وأُخْراك، إنه لباسُ التقوى.
وبعد أنْ أعطانا الحق سبحانه صورة موجزة لأهل الجنة وبعض ما فيها من نعيم ليعطينا المقابل لتتضح الصورة أكثر، وهذه سِمَة من سمات الأسلوب القرآني، لأن النفسَ حين تذكر لها ما تنبسط له، ثم تذكر ما تنقبض له يظهر لها الفرق، مثل قوله تعالى:
{ { إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ ٱلْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ } [الانفطار: 13-14].
وهنا يقول تعالى:
{ إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ ... }.