التفاسير

< >
عرض

فَٱرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ
١٠
يَغْشَى ٱلنَّاسَ هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ
١١
رَّبَّنَا ٱكْشِفْ عَنَّا ٱلْعَذَابَ إِنَّا مْؤْمِنُونَ
١٢
-الدخان

خواطر محمد متولي الشعراوي

الحق سبحانه يُبيِّن أنه لن يترك هؤلاء الشَّاكِّينَ المكذِّبين لرسوله، اللاهين اللاعبين وأن لهم يوماً يقتصّ فيه منهم، فيقول صلى الله عليه وسلم { فَٱرْتَقِبْ } [الدخان: 10] انتظر { يَوْمَ تَأْتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ } [الدخان: 10] أي: دخان ظاهر وكثيف.
والدخان: غازات تتداخل وتملأ الجو مثل الشبورة التي نراها في الصباح، ولكثافتها تؤدي إلى حَجْب الرؤية، لأن تداخلَ الذرات يسُد الفجوات التي ينفذ منها البصر، ثم تُسبب ضيقاً في الهواء وفي التنفس، فإذا جمعتَ عدم الرؤية مع ضيق التنفس تجد أن الكرْبَ عظيم لا يتحمله الإنسان.
قالوا: إن الدخانَ هنا دلالةٌ على الجدب الذي أصابهم والقحط الذي نزل بهم، لأنهم لما بالغوا في تكذيب رسول الله واشتدُّوا في إيذائه وإيذاء أصحابه دعا عليهم وقال
"اللهم اشْدُدْ وطأتَكَ على مُضَر، واجعلها عليهم سنين كسِني يوسف" .
فأصابهم القحط والجدب حتى أكلوا الجِيفَ والكلاب الميتة، حتى أكلوا العلهز وهو الصوف أو الوبر المخلوط بالدم الجاف. إلى أنْ ضجُّوا وذهبوا إلى رسول الله يطلبون منه أنْ يدعوَ الله لهم أنْ يكشف عنهم ما نزل بهم.
وقد بيَّنَ الله لرسوله كذبهم، فلو كشفنا عنهم العذابَ فلسوف يعودون إلى ما كانوا عليه من الكفر والتكذيب.
ومعنى { يَغْشَى ٱلنَّاسَ } [الدخان: 11] يعني: يحيط بهم ويُغطيهم { هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } [الدخان: 11] لأنه يمنع عنهم الرؤية ويُضيق التنفس فيجأرون { رَّبَّنَا ٱكْشِفْ عَنَّا ٱلْعَذَابَ إِنَّا مْؤْمِنُونَ } [الدخان: 12] والله يعلم أنهم كاذبون في هذه المقولة.
لذلك يقول بعدها:
{ أَنَّىٰ لَهُمُ ٱلذِّكْرَىٰ ... }.