التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ مِنَ ٱلْعَذَابِ ٱلْمُهِينِ
٣٠
مِن فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِياً مِّنَ ٱلْمُسْرِفِينَ
٣١
-الدخان

خواطر محمد متولي الشعراوي

قوله تعالى: { مِنَ ٱلْعَذَابِ ٱلْمُهِينِ } [الدخان: 30] العذاب هو المؤلم للمادة ويكون بالنار وبغيرها، كقَطْع جزء من الجسم أو الجلد مثلاً، وقد يُضاف إلى العذاب الحسيِّ عذابٌ آخر معنوي وهو الإهانة والإذلال، وبعض الناس يتحمل العذاب الحسيَّ، ولا يتحمل أنْ تُهينه بكلمة ربما كانتْ أشدَّ عليه من العذاب.
وبنو إسرائيل كانوا يعانون العذاب بتذبيح الأبناء، ويعانون الإهانة باستحياء النساء، والنساء نقطة ضعف عند الرجل، وعِرْض ينبغي المحافظة عليه، لذلك كان التعدِّي على نساء الرجل أعظمُ إهانةَ له.
وقد تدارك الحق سبحانه برحمته بني إسرائيل ونجَّاهم من العذاب المهين { مِن فِرْعَوْنَ } [الدخان: 31] فهو سببُ هذا العذاب.
{ إِنَّهُ كَانَ عَالِياً } [الدخان: 31] يعني: مُتكبراً على الناس مُستعلياً عليهم { مِّنَ ٱلْمُسْرِفِينَ } [الدخان: 31] أي: المسرفين على أنفسهم، والمسرف هو الذي يتجاوز الحدَّ الذي وضعه الله فيه إلى غيره، ففرعون كان مُستكبراً ومسرفاً في استكباره، ويكفيه إسرافاً أنْ يدَّعي الألوهية، ويقول للناس: أنا ربكم الأعلى، وأنْ يخدع قومه ويُغرر بهم.
وقلنا: فرْقٌ بين أن يكونَ الإنسان ضالاً في نفسه، وأنْ يكون ضالاً ومُضلاً للآخرين. وفرعون ضَلَّ وأضلَّ أمة بأكملها واستعبدها، وصدق القائل: متى استعبدتم الناس وقد ولدتْهم أمهاتُهم أحراراً؟