التفاسير

< >
عرض

وَآتَيْنَاهُم مِّنَ ٱلآيَاتِ مَا فِيهِ بَلاَءٌ مُّبِينٌ
٣٣
-الدخان

خواطر محمد متولي الشعراوي

وقوله: { وَآتَيْنَاهُم مِّنَ ٱلآيَاتِ مَا فِيهِ بَلاَءٌ مُّبِينٌ } [الدخان: 33] الآيات هي: المعجزات التي صاحبتْ دعوة سيدنا موسى، وبهذه الآيات نجَّاهم الله من الغرق، ونجَّاهم من قوم فرعون.
والعجيب أنهم بمجرد أنْ نجَّاهم الله من الغرق ومن فرعون، وبمجرد خروجهم سالمين رأوا قوماً يعبدون أصناماً لهم، فقالوا لموسى عليه السلام
{ { ٱجْعَلْ لَّنَآ إِلَـٰهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ } [الأعراف: 138] فأشركوا بالله، وما تزال أقدامهم مُبتلة من عبور البحر.
وفي فترة التيه أكرمهم الله، وأنزل عليهم المنَّ والسَّلْوى، وهما من أرْقى ما يكون الطعام، وألذّ ما يُؤكل ينزل عليهم دون تعب ودون مجهود، لكنهم لماديتهم اعترضوا على المنِّ والسَّلْوى.
وقالوا لموسى:
{ { لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ ٱلأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ ٱلَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِٱلَّذِي هُوَ خَيْرٌ .. } [البقرة: 61] يريدون الشيء المادي الذي يباشرونه بأنفسهم ويعلمون مصدره، بل بلغتْ بهم المادية إلى أنْ قال لنبي الله موسى: { { أَرِنَا ٱللَّهَ جَهْرَةً } [النساء: 153].
البعض قال: إن موسى عليه السلام هو الذي فتح لهم هذا الباب حينما قال:
{ { رَبِّ أَرِنِيۤ أَنظُرْ إِلَيْكَ } [الأعراف: 143].
وكلمة { بَلاَءٌ } [الدخان: 33] يعني: امتحان واختبار لنعلم ردود أفعالهم، بعد أنْ رأوا الآيات أو بعد أنْ رأوا النعم، وقلنا: الابتلاء والامتحان لا يُذم ولا يُمدح لذاته، إنما حسب النتائج المترتبة عليه.