التفاسير

< >
عرض

خُذُوهُ فَٱعْتِلُوهُ إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ
٤٧
ثُمَّ صُبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ ٱلْحَمِيمِ
٤٨
ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ
٤٩
-الدخان

خواطر محمد متولي الشعراوي

لو تأملتَ فعل الأمر هذا { خُذُوهُ .. } [الدخان: 47] والآمر هو الحق سبحانه وتعالى نجده مُخيفاً مرعباً، ووالله لو قالها ضابط شرطة لمجرم لكانتْ مخيفة، فما بالكم لو قال الحق سبحانه { فَٱعْتِلُوهُ .. } [الدخان: 47]؟ يعني: جُرُّوه بشدة وغِلْظة ودون رحمة أو هوادة، إلى أين؟
{ إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ } [الدخان: 47] ولم يقلْ إلى الجحيم، فسواء الجحيم يعني: وسطها لأنه لو كان متطرفاً هنا أو هناك ربما أعطاه أملاً في الخروج منها، أو جاءه نسمة هواء تُخفِّف عنه، إنما في وسطها بحيث تكون الجحيم حوله من كل ناحية مُطبقة عليه.
ليس هذا وفقط { ثُمَّ صُبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ ٱلْحَمِيمِ } [الدخان: 48] فالغليان في جوفه وفوق رأسه، وبعد هذا العذاب الحسيّ يأتي العذاب المعنوي والسخرية والاستهزاء.
{ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ } [الدخان: 49] لأن الذّوق يستوعب جميع أعضاء الجسم { إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ } [الدخان: 49] أي: في الدنيا وظننتُ أنك ستكون كذلك في الآخرة، كما قال سبحانه:
{ { وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنْقَلَباً } [الكهف: 36].
وقوله: { ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ } [الدخان: 49] على سبيل التهكُّم به والسخرية منه.