التفاسير

< >
عرض

أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجْتَرَحُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ سَوَآءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ
٢١
-الجاثية

خواطر محمد متولي الشعراوي

الفعل { حَسِبَ .. } [الجاثية: 21] بكسر السين يعني: ظنَّ، وهناك حسب بالفتح من الحساب والعَدِّ. ومعنى { ٱجْتَرَحُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ .. } [الجاثية: 21] يعني: فعلوها واكتسبوها لذلك نُسمِّي الجوارح من الطيور (الكاسبات) لأنها تُستخدم للصيد، فهي كواسب. والسيئة هي كل ما يسوء صاحبه، يسوءه عقاباً أو ذماً.
وفي الآية استفهامٌ يفيد الإنكار والتعجب من هذا الظن، فكيف نُسوِّي بين الكافرين والمؤمنين، أو بين الطائعين والعاصين، فالذين انصرفوا عن دعوتك يا محمد، وظنوا أنْ نُسوِّيهم بالذين آمنوا ظنهم خاطئ.
فشتَّان بين هذا وذاك، ولن نعاملهم كما نعاملكم، بل نعاملهم في الدنيا بالهزيمة، ونعاملكم بالنصْرة والتمكين، ونعاملهم في الآخرة بالعذاب، ونعاملكم بالنعيم والثواب.
{ سَوَآءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ .. } [الجاثية: 21] يعني: لا نُسوِّي بينكم وبينهم، لا في الحياة الدنيا ولا في الآخرة { سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } [الجاثية: 21] فمَنْ يحكم بالمساواة هنا ساء حكمه وبطل، لأنه حُكْم جائر مُنافٍ للحق وللعدل.
فكأن ظنهم هذا هو الذي أرداهم وأغراهم بعدم الإيمان بك، وإلا لو أيقنوا أن الغاية مختلفة، وأن الجزاء مختلف لآمنوا وعملوا الصالحات.