التفاسير

< >
عرض

وَقَالُواْ مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ ٱلدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ
٢٤
-الجاثية

خواطر محمد متولي الشعراوي

هذا إنكار منهم لليوم الآخر، ولكن الحق لا بدّ وأنْ يظهر في (فلتات) الألسنة، فوصفهم للحياة التي يعيشونها بأنها دنيا دليل واعتراف منهم بأن هناك حياة أخرى أشرف وأعلى من هذه.
كما جاء في قولهم:
{ لاَ تُنفِقُواْ عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ .. } [المنافقون: 7] فيعترفون أنه صلى الله عليه وسلم رسول الله مع أنهم مُعادون له كافرون بدعوته.
وقولهم: { نَمُوتُ وَنَحْيَا .. } [الجاثية: 24] يقصدون نموت نحن ويحيا أبناؤنا من بعدنا، وهذا لأنهم لا يؤمنون بالحياة بعد الموت، فالحياة التي يقصدونها هي امتداد أبنائهم من بعدهم.
{ وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ ٱلدَّهْرُ .. } [الجاثية: 24] أي: الزمن هو الذي يميتنا، ومعلوم أن الزمن ظرف للأحداث، وهو مخلوق لله تعالى لا يميت، إنما الذي يميتُ هو الله، وفي الحديث القدسى:
"لا تسبُّوا الدهر فأنا الدهر" أي: خالقه ومالكه.
{ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ } [الجاثية: 24] وما دام ليس لهم علم بذلك، فلماذا يُعاقبهم الله؟ قالوا: يعاقبهم لأنهم ردُّوا العلم الذي جاءهم من ربهم على ألسنة الرسل { إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ } [الجاثية: 24] ما هم إلا يظنون أي في قولهم: { مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ ٱلدَّهْرُ .. } [الجاثية: 24].
ثم يقول الحق سبحانه:
{ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَاتٍ ... }.