التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِّنَ ٱلْقُرَىٰ وَصَرَّفْنَا ٱلآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
٢٧
-الأحقاف

خواطر محمد متولي الشعراوي

الخطاب هنا لقريش يريد أنْ يلفت أنظارهم إلى مصير الأمم المكذبة حولهم { مَا حَوْلَكُمْ مِّنَ ٱلْقُرَىٰ .. } [الأحقاف: 27] يعني: حول مكة.
وقد خاطبهم في موضع آخر:
{ وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ * وَبِٱلَّيلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } [الصافات: 137-138] نعم يمرون على مدائن صالح وعلى قوم نوح، وعلى الأحقاف على عاد وثمود، ويشاهدون آثارهم وما لحقهم من عقاب الله.
وفي موضع آخر قال سبحانه:
{ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي ٱلأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَٱللَّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } [الرعد: 41].
يعني: يا قريش تنبهوا ولا تغتروا بما لكم من سيادة على العرب وسيطرة على قبائل شبه الجزيرة، وأنَّ لكم منزلة في قلوب الناس، لأن قوة الإيمان التي تتغلغل في قلوب الناس سوف تسحب بساط السيادة من تحت أقدامكم.
وها أنتم ترون كل يوم زيادة أرض الإيمان وتراجع مساحة الكفر فخذوا عبرة من ذلك، وهذه المسألة هي سببُ إيمان خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وغيرهم من قادة وزعماء الكفر، حين رأوا أمر محمد في ازدياد فقالوا: لقد ظهر أمر محمد واستقام، وأصبحت له قوة لا يقف في وجهها أحد، وفعلاً آمنوا بدعوته.
وقوله سبحانه: { وَصَرَّفْنَا ٱلآيَاتِ .. } [الأحقاف: 27] حولناها وقلَّبنا لهم البراهين كُلّ وجه وبأساليب مختلفة: { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [الأحقاف: 27] يعني: عن كبريائهم وغطرستهم وعنادهم، يرجعون عن كفرهم وجحودهم لنِعَم الله، فبعد أنْ أخذوا النعمة كفروا بالمنعم وجعلوا له شركاء.
لذلك قال في الآية بعدها:
{ فَلَوْلاَ نَصَرَهُمُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ ... } [الأحقاف: 28].