التفاسير

< >
عرض

ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَٰلَهُمْ
٩
-محمد

خواطر محمد متولي الشعراوي

قوله: { ذَلِكَ .. } [محمد: 9] إشارة إلى ما تقدم من جزاء الكافرين من التعش وإحباط الأعمال: { بِأَنَّهُمْ كَرِهُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ .. } [محمد: 9] هذا سبب إحباط الأعمال. لكن لماذا كرهوا ما أنزل الله؟
كرهوا ما أنزل الله، لأن منهج الله سيسحب بساط السيادة والجبروت من تحت أقدامهم، سيُسوِّي بينهم وبين عبيدهم بعد أنْ ألفوا السيادة والمكانة بل والتسلط على الخَلْق، لذلك كرهوا الحق لما جاءهم به رسول الله.
ولما ذهب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، كانوا يجهزون عبد الله بن أُبي ليتوِّجوه ملكاً على المدينة فلما وصل رسول الله انفضَّ عنه القوم وشُغلوا بمقدم رسول الله، وظلت هذه في نفس عبد الله واستمر في عدائه للرسول حتى بعد أنْ أعلن إسلامه لم يخلص فيه وكان منافقاً مشهوراً نفاقه.
ومع ذلك له ابن أسلم وحَسُن إسلامه وصحب رسول الله، فلما علم أن رسول الله أمر بقتل هذا المنافق جاء لرسول الله، وطلب منه أنْ يأذن له في قتله حتى لا يقتله رجلٌ آخر من الصحابة، فيجد في نفسه شيئاً منه، فلما قال هذا أبي رسول الله إلا أنْ يرحمه، وأنْ يُعفيه من هذا فقال: لا تقتلوه وأرجئوه إلى الله.
وقوله: { فَأَحْبَطَ أَعْمَٰلَهُمْ } [محمد: 9] قلنا: أبطلها، إما أعمالهم وتدبيرهم وكيدهم للمسلمين بأن انتصر المسلمون عليهم وجعل الله كيدهم في نحورهم. أو: أحبط أعمالهم الصالحة لأنهم ما ابتغوا بها وجه الله.
ومعلوم أنه كان من هؤلاء مَن له أعمال صالحة لها وزنها في مجتمعهم، فيُروى أن ابن جدعان والمطعم بن عدي كانت لهما قدور للطعام يمكن أنْ يستظل الرجل بظلها، فكانت لهم مآثر في الكرم والشجاعة وإغاثة الملهوف وغير ذلك، لكن ما فعلوا هذا لله فذهب هباءً.