التفاسير

< >
عرض

وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ
١٩

خواطر محمد متولي الشعراوي

معنى: { سَكْرَةُ الْمَوْتِ .. } [ق: 19] غشْيته أو الغيبوبة التي تأخذ الإنسان وهي وقت الغرغرة وخروج الروح، وسُميت سكرة الموت لأنها مقدمة للموت، وقوله: { بِالْحَقِّ .. } [ق: 19] لأن الحق هو الموت، فهو حق واجب لكل مخلوق، وسَهْم أُطلق إلى كل مولود، وعمرك بقدر وصوله إليك.
لذلك يموت الإنسان جنيناً، ويموت طفلاً، ويموت شاباً، ويموت شيخاً.
ومن آيات الله في الموت أن أبهمه زماناً، وأبهمه مكاناً، فجاء الإبهام أوضح بيان، لأن الإبهام جعلك تنتظره في كل وقت، وجعلك تستعد له بالتوبة والعمل الصالح، جعلك تستحي من الله أنْ يفاجئك الموت وأنت على معصية.
وقوله: { ذَلِكَ .. } [ق: 19] أي: الموت { مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ } [ق: 19] أي: تميل عنه وتخاف منه، نعم كلنا يخاف الموت ويبعده عن نفسه، يتصور أنّ كل الناس سيموتون إلا هو.
لذلك ورد في الحديث:
"لا أرى يقيناً أشبه بالشك من يقين الناس بالموت" .
والابتعاد عن شبح الموت له حكمة مرادة للحق سبحانه وتعالى، فلو استحضر كلُّ واحد منا حقيقة الموت ما هنئ له عيش ولا قرَّ له قرار، وما انتفع أحد منه بعمل.
إذن: الأمل في الحياة هو الأَوْلَى، الأمل هو الذي يعمر حركة الحياة، حب الحياة هو الذي يأخذنا لعمارة الحياة، المهم أن هذا الأمل لا يُنسيك الموت، فكُنْ على استعداد له بالتوبة والاستغفار إنْ بدر منك ذنب.