التفاسير

< >
عرض

أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ
٣

خواطر محمد متولي الشعراوي

هنا نقلوا المسألة من الاعتراض على بشرية الرسول إلى التشكيك في عملية البعث بعد الموت، وهكذا أصبح لدينا جوابان للقسم { قۤ وَٱلْقُرْآنِ ٱلْمَجِيدِ } [ق: 1].
الجواب الأول: إنك لمنذر والثاني: لتبعثُنَّ، الأول: أخذناه من قوله:
{ بَلْ عَجِبُوۤاْ أَن جَآءَهُمْ مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ .. } [ق: 2] والثاني: من قوله سبحانه: { أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ } [ق: 3].
ومعنى { رَجْعٌ بَعِيدٌ } [ق: 3] أي: رجوع إلى الحياة بعد أنْ نموت ونصير تراباً، هذا أمر بعيد عن أذهانهم، لماذا؟ وأنتم عندكم آثار سيدنا إبراهيم وإسماعيل وبقايا الديانات السابقة، وتعرفون الله وتعترفون أنه خالقكم وخالق السماوات الأرض.
في قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام حكى القرآن قوله:
{ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي .. } [البقرة: 260].
وقلنا: إن السؤال هنا ليس شكاً من سيدنا إبراهيم في قدرة الله على إحياء الموتى، إنما سؤال عن الكيفية فقط
{ كَيْفَ تُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ .. } [البقرة: 260].
فأراه الله سبحانه الكيفية ليستْ قولاً إنما فعلاً وتجربة مشاهدة، يُجربها هو بنفسه، وكأن الله تعالى يقول له ولنا: أن إحياء الموتى ليس صعباً ولا معجزاً لي، بل إذا أردتُ أُعدِّي قدرتي إلى عبد من عبادي، فيفعل ذلك بإذني.
{ { قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ ٱلطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ ٱجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ٱدْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَٱعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [البقرة: 260].
هذا أثر من آثار قدرة الله يمنحه لعبد من عباده.
وفي قصة سيدنا عيسى عليه السلام:
{ أَنِيۤ أَخْلُقُ لَكُمْ مِّنَ ٱلطِّينِ كَهَيْئَةِ ٱلطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ ٱللَّهِ .. } [آل عمران: 49].
والقرآن يرد على منكري البعث، فيقول:
{ قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ ٱلأَرْضُ ... }.