التفاسير

< >
عرض

وَٱسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ ٱلْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ
٤١
يَوْمَ يَسْمَعُونَ ٱلصَّيْحَةَ بِٱلْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلْخُرُوجِ
٤٢

خواطر محمد متولي الشعراوي

المنادي هنا إسرافيل الملَك المكلَّف بالنفخ في الصور، والمراد بالصيحة النفخة الثانية التي تُخرج الناس من القبور للبعث، الحق سبحانه وتعالى يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم: { وَٱسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ ٱلْمُنَادِ .. } [ق: 41].
والكلام هنا يأتي بعدما تعرّض له رسول الله من الإيذاء بالقول وبالفعل، فكأن ربه عز وجل يُواسيه، يقول له: إنْ كانوا فعلوا ذلك فانتظر هذا اليوم يوم ينادي عليهم المنادي يوم يقفون للحساب والجزاء.
واستمع لما يحدث منهم في هذا الموقف، وكيف سيندمون ويتبرأ بعضهم من بعض ويلعن بعضهم بعضاً، ويشتم بعضهم بعضاً، كما يقولون في المثل الفلاحي (بكره نقعد على الحيطة ونسمع الظيطة) يعني: انتظر يا محمد وسوف تسمع بهم.
وقوله: { مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } [ق: 41] أي: أن المنادي سيكون قريباً من كل واحد كأنه ملازمه، وكأن كلَّ واحد منا معه مناديه { يَوْمَ يَسْمَعُونَ ٱلصَّيْحَةَ .. } [ق: 42] أي النفخة الثانية { بِٱلْحَقِّ .. } [ق: 42] الحق الذي كانوا ينكرونه في الدنيا ويُكذِّبون به وهو البعث.
وقد حكى القرآن قولهم:
{ أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ .. } [الرعد: 5] وقوله سبحانه: { ذَلِكَ يَوْمُ ٱلْخُرُوجِ } [ق: 42] أي: البعث والخروج من القبور، والنفخة الثانية ستكون بعد موت جميع الخلائق بالنفخة الأولى.
لذلك كان سيدنا رسول الله دائماً يقرأ بسورة (ق) في العيدين لقوله تعالى فيها { ذَلِكَ يَوْمُ ٱلْخُرُوجِ } [ق: 42] والخروج مُستحب في العيدين حتى الحائض تخرج ليس للصلاة، إنما لتشهد الخير وجماعة المسلمين في هذا اليوم.
ولذلك سَنَّ لنا رسول الله أنْ تكون صلاة العيدين في الخلاء، لأنها صلاة يحضرها مَنْ لا تصح الصلاة منه.
كما أن في القراءة بسورة (ق) في العيدين إشارة إلى أن يوم العيد والخروج والفرحة والزينة ينبغي ألاَّ تُنسينا يوم الخروج الأكبر، يوم القيامة.