التفاسير

< >
عرض

وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْحُبُكِ
٧
إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ
٨
يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ
٩
-الذاريات

خواطر محمد متولي الشعراوي

هذا قَسَم آخر يقسم الحق سبحانه بالسماء { ذَاتِ ٱلْحُبُكِ } [الذاريات: 7] من مادة (حَبَكَ) نقول مثلاً: هذا الشيء محبوك يعني: صُنع بدقة لا زيادةَ فيه ولا نقصان، وهكذا السماء نراها ملساء مستوية ليس فيها شقوق ولا فطور، لأنها خُلقتْ بدقة وإحكام، وقالوا: { ذَاتِ ٱلْحُبُكِ } [الذاريات: 7] أي: الطرق التي تسلكها الكواكب في سَيْرها.
وجواب هذا القسم { إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } [الذاريات: 8] والكلام عن كفار مكة المعاندين لرسول الله الذين اختلفت أقوالهم فيه كأنَّ الحق سبحانه يعطيهم إشارة إلى أن القول يجب أنْ يكون واحداً قصداً لا التواءَ فيه، كما في خَلْق السماء خَلْقاً محكماً لا اختلافَ فيه.
كما قال:
{ وَٱلسَّمَآءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ ٱلْمِيزَانَ * أَلاَّ تَطْغَوْاْ فِي ٱلْمِيزَانِ * وَأَقِيمُواْ ٱلْوَزْنَ بِٱلْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُواْ ٱلْمِيزَانَ } [الرحمن: 7-9] فالسماء استوت واستقامت لأنها خُلقت بميزان الحق، فإن أردتم أنْ تستقيم أموركم فأقيموها على وفق هذا الميزان، وإلا اختلفتم واختلفتْ أقوالكم.
ومعنى { يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } [الذاريات: 9] أي: يُصرف عنه أي عن رسول الله وعن الإيمان به { مَنْ أُفِكَ } [الذاريات: 9] صرفته الشياطين عن الإيمان، فمن مهمة الشيطان أنْ يصرف أهل الحق عن الحق، وأنْ يُزِّين لهم الباطل
{ وَإِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىۤ أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَٰدِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ } [الأنعام: 121].