التفاسير

< >
عرض

وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ
٢٥
قَالُوۤاْ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِيۤ أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ
٢٦
فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ ٱلسَّمُومِ
٢٧
-الطور

خواطر محمد متولي الشعراوي

الكلام هنا ما يزال عن أهل الجنة { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } [الطور: 25] يتسامرون، أو يسأل بعضهم بعضاً { قَالُوۤاْ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ .. } [الطور: 26] أي: في الدنيا { فِيۤ أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ } [الطور: 26] الإشفاق الخوف، والخوف يكون بكراهية المخوف منه، ويكون هيبة وتعظيماً لمن تخاف منه.
والمراد هنا خوف الهيبة والتعظيم لأنهم خائفون من الله، لكن لماذا؟ قالوا: يخافون التقصير في عبادة الله، نعم أطاعوا وأدّوا حَقَّ الله لكن ما عبدوا الله حقَّ عبادته، فهو يستحق أكثر من هذا.
إذن: خوفهم فيه رجاء وفيه أمل في الله أنْ يتدارك هذا التقصير، لذلك قال الله تعالى عن الملائكة:
{ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ } [الأنبياء: 26] وهم { لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [التحريم: 6]، ومع ذلك قال عنهم: { يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ .. } [النحل: 50] أي: خوفَ مهابة وتعظيم.
أو يكون المعنى { فِيۤ أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ } [الطور: 26] أي: يخافون الموت أنْ يُفرقهم ويُشتِّت شملهم بعد اجتماع، فإذا بهم في الآخرة أحسن مما كانوا فيه في الدنيا. أو خائفين من عذاب الله في الآخرة.
ومعنى { فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا .. } [الطور: 27] أي: تفضّل علينا وأعطانا فوق ما نستحق فضلاً منه تعالى وتكرُّماً، منَّ علينا منّاً لا يعقبه ضرر، ولا يعقبه عذاب { وَوَقَانَا عَذَابَ ٱلسَّمُومِ } [الطور: 27] السموم والعياذ بالله هي اللهب الخالص، وسُمِّيَ السَّموم لأنه ينفذ من مسامّ الجسم.