التفاسير

< >
عرض

وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ
١
مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ
٢
-النجم

خواطر محمد متولي الشعراوي

الحق سبحانه وتعالى يقسم بما يشاء من مخلوقاته وهنا يقسم بالنجم، فالواو واو القسم (النجم) مُقسَم به، والنجم يُطلق في اللغة على معنيين: النجم الذي في السماء كالشمس والقمر.
وقد قال الله فيه
{ وَعَلامَاتٍ وَبِٱلنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ } [النحل: 16] أي: في سيرهم ليلاً، والنجم هو العُشْب الذي لا ساقَ له وترعاه الإبل في الصحراء.
وقد جمع الحق سبحانه المعنيين في قوله تعالى:
{ ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ * وَٱلنَّجْمُ وَٱلشَّجَرُ يَسْجُدَانِ } [الرحمن: 5-6].
وجمعهما الشاعر فقال:

أرَاعِي النجْمَ فِي سَيْري إليْهَا وَيَرْعَاهُ مِنَ البيدا جَوَادِيَ

وتأمل هنا دقة الأداء القرآني، فالشمس والقمر دلَّتْ على نجم السماء، والشجر دَلَّ بالمصاحبة على نجم الأرض، والجميع يسجد لله ويخضع له أعظم شيء وأدنى شيء، الكل في الانقياد سواء.
وفي موضع آخر قال سبحانه:
{ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ ٱلنُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ } [الواقعة: 75-76] فالقسم بالنجم قسَم بآية عظيمة من آيات الله، والقسَم بالنجم هنا يخصُّ حالة من حالاته.
{ وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ } [النجم: 1] أي: سقط، فالنجم علامة في السماء تهدي السائر وتدلُّه، فإذا سقط امتنعتْ الهداية، وامتنعت الفائدة، لكن محمداً صلى الله عليه وسلم ما ضَلَّ وما غوى.
{ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ } [النجم: 2] وهذا هو جواب القسم، وكأنه سبحانه يقول: وإنْ سقط النجم الذي يهدي السائرين، فنجم محمد لا يسقط أبداً، نجم السماء يهدي للماديات وهي موقوتة، ونجم محمد يهدي للقيم وللمعنويات وهي باقية دائمة.
ومعنى { مَا ضَلَّ .. } [النجم: 2] أي: ما حاد عن الحق ولا مال عنه، ولا عدل عن سبيل الهدى { صَاحِبُكُمْ .. } [النجم: 2] هو محمد صلى الله عليه وسلم، وصاحب القوم واحد منهم مُحبَّب إليهم ذو مكانة بينهم { وَمَا غَوَىٰ } [النجم: 2] الغواية هي الاعتقاد الباطل، فما اعتقد محمد اعتقاداً باطلاً أبداً حتى قبل بعثته.