التفاسير

< >
عرض

وَٱلْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىٰ
٥٣
فَغَشَّاهَا مَا غَشَّىٰ
٥٤
-النجم

خواطر محمد متولي الشعراوي

{ وَٱلْمُؤْتَفِكَةَ } [النجم: 53] معطوفة على عاد وثمود وقوم نوح. وهي قرى قوم لوط، سُميت المؤتفكة، لأن الله تعالى كفأها رأساً على عقب، وجعل عاليها سافلها، لذلك نسمي الكذب إفكاً لأنه يَقلِب الحقائق، ومنه حادثة الإفك التي تناولتْ السيدة عائشة في سورة النور.
ومعنى { أَهْوَىٰ } [النجم: 53] أنها هوتْ وسقطت، لأن الملائكة رفعتها إلى عنان السماء ثم كفأتها على مَنْ فيها { فَغَشَّاهَا مَا غَشَّىٰ } [النجم: 54] غشَّاها نزل بها وعَمَّها أو غطاها.
{ مَا غَشَّىٰ } [النجم: 54] ما تعجبية تفيد الكثرة التي تفوق الوصف. أي: غشَّاها أمر فظيع عجيب وهول رهيب، نعم لأن الله تعالى جمع على قوم لوط ألواناً من العذاب في وقت واحد أو متتابعة بعضها إثر بعض.
قال تعالى:
{ فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا } [هود: 82] أي: بهلاكهم { جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنْضُودٍ * مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ } [هود: 82-83].
ومعنى
{ مُّسَوَّمَةً } [هود: 83] أي: مُعلّمة، كل حجر عليه اسم صاحبه فلم تكُنْ عشوائية، بل كانت محسوبة بدقة، فالحجر ينزل على صاحبه لا يتعدَّاه، ومثلها الحجارة التي أمطر بها أصحاب الفيل: { وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ } [الفيل: 3-4].
والعجيب بعد أنْ صرح السياق القرآني بلفظ الحجارة أنْ نسمع مَنْ يقول، بل هي ميكروب أو فيروس أصابهم جميعاً، والميكروب له مدة حضانة لينشط بعدها، أما هذه فنزلت عليهم في لحظتها.