التفاسير

< >
عرض

هَـٰذَا نَذِيرٌ مِّنَ ٱلنُّذُرِ ٱلأُوْلَىٰ
٥٦
أَزِفَتِ ٱلآزِفَةُ
٥٧
لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ كَاشِفَةٌ
٥٨
-النجم

خواطر محمد متولي الشعراوي

قوله تعالى: { هَـٰذَا .. } [النجم: 56] إشارة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وما جاء به من دعوة الحق، والنذير هو الذي ينذر الناس ويحذرهم من الشر قبل أوانه { مِّنَ ٱلنُّذُرِ ٱلأُوْلَىٰ } [النجم: 56] النذر الأولى. أي: التي خلتْ قبل رسول الله من مواكب الرسل السابقين، فعظمة النذارة في سيدنا رسول الله أنه آخرُ نذير وخاتم الرسل أجمعين.
وقوله تعالى: { أَزِفَتِ ٱلآزِفَةُ } [النجم: 57] أي: اقتربتْ الساعة فكأنه صلى الله عليه وسلم جاء على فم الساعة، فبعد أنْ قال { هَـٰذَا نَذِيرٌ } [النجم: 56] أعقبها { أَزِفَتِ ٱلآزِفَةُ } [النجم: 57].
لذلك جاء في الحديث الشريف:
"بُعثت أنا والساعة كهاتين، وأشار بالسبابة والوسطى" فبعثته صلى الله عليه وسلم تُعد من علامات الساعة.
وقد خاطبه ربه تعالى بقوله:
{ فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَٰهَا } [النازعات: 43] أي: من ذكرى الساعة وعلاماتها. وما دام أزفت الآزفة واقتربتْ فانتبه، فهذه آخر الرسالات فتعلّق بها وتمسّك بهذا الرسول الخاتم والنذير الأخير الذي ليس بعده نذير فانْجُ به.
ونفهم من معنى { أَزِفَتِ } [النجم: 57] اقتربتْ أنها هي التي تسعى إليك وتطلبك بخطوات حثيثة تسرع إليك. وبعد قليل في أول القمر سيقول:
{ ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ } [القمر: 1].
{ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ كَاشِفَةٌ } [النجم: 58] يعني: إذا جاءت أهوال الساعة لا أحدَ غير الله يستطيع أنْ يدفعها، فأنت في أحداث الدنيا وخطوب الحياة قد يوجد مَنْ يكشف عنك الكرب أو يدفع عنك السوء.
أما في الآخرة فالخطب جَلَل، ليس لأحد قدرة على دفعه، وإلا كيف يدفعها، وهي الطامة الكبرى التي تعم الجميع، كيف يدفع عنك وهو لا يستطيع أنْ يدفعها عن نفسه؟
إذن: استعدوا لهذا الموقف، وخذوا لكم دافعاً من الله، فهو وحده لا شريك له القادر أنْ يدفع عنك في هذا اليوم.
ولا غرابة في أزفتْ الآزفة واقترتب الساعة، وقد ظهرت لنا في واقع الحياة علاماتها الصغرى التي أخبرنا بها سيدنا رسول الله
"من وجود نساء في مجتمع المسلمين كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة" .
وقوله: "إذا أُسندَ الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة" ، وقوله: "وإعجاب كل ذي رأي برأيه" ، "وأن ترى الحفاة العراة رِعَاء الشاة يتطاولون في البنيان" . إلى غير هذه من العلامات التي شاهدناها بالفعل، فلِمَ العجب إذن؟