التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِّمَنْ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ ٱلْحُسْنَىٰ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
١٠٧
-التوبة

خواطر محمد متولي الشعراوي

يقص لنا القرآن هنا حالاً من أحوال المنافقين، وأحوالهم مع الإيمان متعددة. وقد ذكر الحق سبحانه عنهم أشياء صدَّرها بقوله: { وَمنْهُمْ }، { وَمنْهُمْ } و { وَيَحْلِفُونَ }، { وَيَحْلِفُونَ }؛ ولذلك يسميها العلماء "مناهم التوبة"، مثل قوله: { { وَمِنْهُمْ مَّنْ عَاهَدَ ٱللَّهَ ... } [التوبة: 75].
وقول الحق:
{ { وَمِنْهُمُ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلنَّبِيَّ ... } [التوبة: 61].
وقوله الحق:
{ { وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ٱئْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي ... } [التوبة: 49].
وقال الحق عنهم أيضاً: { وَيَحْلِفُونَ }، { وَيَحْلِفُونَ }، { وَيَحْلِفُونَ } ويقولون عنها: "محالف التوبة"، ويقص الحق هنا حالاً آخر من أحوال المنافقين، وقد قص له نظيراً فيما سبق، وهؤلاء المنافقون - كما قلنا - متعارضون في ملكاتهم، ملكة لسانية تؤمن، وملكة قلبية تكفر. والمزاوجة بين الملكات المتناقضة أمر عسير على النفس وشاق، ويتطلب مجهوداً عاطفيّاً، ومجهوداً عقليّاً، ومجهوداً حركيّاً، فَهُم إذا خَلَوْا إلى شياطينهم قالوا كلاماً، وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا كلاماً، ويقص الحق ذلك حين يعلنون الإيمان بألسنتهم في قوله:
{ { وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَالُوۤا آمَنَّا ... } [البقرة: 14].
أما إذا خَلَوْا إلى أنفسهم فالحق يصف حالهم:
{ { وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوۤاْ إِنَّا مَعَكُمْ ... } [البقرة: 14].
وهكذا تُكْبَت ملكات لسانهم في أن يقولوا وقت أن يكونوا مع المؤمنين، أما حين يكونون مع إخوانهم فهم يُنفِّسون عن ملكاتهم فيقولون قولاً مختلفاً، وهذه مسألة متناقضة؛ ولذلك قال القرآن فيما سبق:
{ { لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَئاً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ } [التوبة: 57].
أي: لو أنهم يجدون مكاناً أميناً، لا يراهم فيه المؤمنون، لنفّسوا عن أنفسهم، وسبّوا النبي، وسبّوا المؤمنين، وقالوا ما يريدون، إلا أنهم لا يجدون هذا المكان، إنهم يتمنون لو وجدوا ملجأ يلجأون إليه، أو مغارة يدخلون فيها؛ لكي يُنفِّسوا عن أنفسهم؛ إذن: { لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ }، لكنهم لا يجدون.
ويقص الحق سبحانه وتعالى هنا قصة أخرى من أحوالهم فيقول عز وجل: { وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً... } [التوبة: 107].
نحن نعلم أن كلمة "مسجد" في عمومها هي مكان السجود، وفي الخصوص هي مكان يحجز للسجود وللصلاة فقط، فإن أردت المعنى العام، فكل الأرض مسجد، وتستطيع أن تصلي في أي مكان فيصير مسجداً، لا بالمكان ولكن بالمكين، وبعد ذلك تزاول فيه أعمال الحياة، وقد تصلي في الفصل الدراسي أو المكتب أو المصنع أو الحقل أو في أي مكان تزاول فيه أسباب الحياة.
وبذلك يصبح المكان الذي تصلي فيه مسجداً بالمكين، ولكن هناك مسجد آخر مخصص دائماً للصلاة حين يؤخذ حيز من المكان، ويقال: "حجز ليكون مسجداً"، فلا تباشر فيه أي عملية من عمليات الحياة إلا الصلاة وهو مسجد - بالمكان -، ونحن نعلم أن أول مسجد أسِّس هو مسجد قباء والذين بنوه هم بنو عمرو بن عوف، ثم أراد المنافقون أن يُنفِّسوا عن أنفسهم في صورة طاعة، فبنوا مسجداً ضراراً، وقد بناه بنو غُنْم بن عوف وأرادوا بهذا المسجد أن ينافسوا مسجد قباء.
ونعلم كيف يكون الضرار بين المتنافسين على شيء، كما يحدث الآن تماماً، وتسمع من يقول: ولماذا أقام الحي الفلاني مسجداً، ولم نقُم نحن مسجداً؟
وعلى ذلك فكل مسجد فيه هذه الصفة؛ صفة التنافس للحصول على سمعة أو تحيز لجهة على جهة، أو رياء، فهذا يعتبر مسجداً ضراراً؛ لأن كل هذه المسائل فرقت جماعة المسلمين.
وقد يقول قائل: ولكن هذا الأمر ظاهرة صحية، ونقول: لا، إن لنا أن نعرف أنها ظاهرة مرضية في الإيمان؛ لأنك حين ترى المسجد وليس فيه صفان مكتملان، ثم يوجد بعده بعدة أمتار مسجد، وهناك مسجد ثالث بعد عدة أمتار، ثم مسجد رابع، فهذه كلها مساجد ضرار.
إذن: فـ "المسجد" بمعناه الخاص هو المكان الذي يحيز حتى يصير مسجداً، لا يزاول فيه شيء غير المسجدية، ولذلك نجد النبي صلى الله عليه وسلم حين رأى واحداً ينشد ضالته في المسجد، قال له:
"لا رد الله عليك ضالتك" . لأن المسجد حين تدخله فأنت تعلن نية الاعتكاف لتكون في حضرة ربك، وعندك من الوقت خارج المسجد ما يكفيك لتتكلم في مسائل الدنيا.
إذن: فهؤلاء القوم أرادوا أن يُنفِّسوا عن نفاقهم بمظهر من مظاهر الطاعة، فقالوا: نقيم مسجداً، وبذلك نفرق جماعة المسلمين، فجماعة يصلون هنا، وجماعة يصلون هناك، وإن قعدنا نحن نصلي فيه فنكون أحراراً، ونتكلم مثلما نريد، أما حين نذهب للصلاة في المسجد الآخر، فنحن نجلس هناك مكبوتين، وغير قادرين على الكلام، ونحن نريد أن ننفس عن أنفسنا.
فهم بَنَوْا المسجد، ثم طلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي معهم في المسجد الجديد أثناء خروجه لغزوة تبوك فاعتذر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوضح لهم: إننا في حال لا يسمح بذلك، وإن شاء الله عند عودتنا من الغزوة نصلي فيه. وبعد أن عاد من الغزوة حاولوا أن يستوفوه وعده، ويطلبوا منه الوفاء بوعده، فإذا بجبريل ينزل عليه بالآيات التي توضح حكاية هذا المسجد، وكيف أنه مسجد ضرار؛ لأن الله علم نيتهم في ذلك.
ومعنى "الضرار" من المضارة، وأنهم أرادوا أن يأخذوا راحتهم في كل الزمن، وأن يبتعدوا عن التواجد مع المؤمنين في المسجد الذي يصلي فيه رسول الله، ويريدون أن يخلو بعضهم ببعض، وأن يتكلموا كما يريدون في مضارة المسلمين، ويفرقوا بين جماعة المسلمين. ثم يقول سبحانه: { وَتَفْرِيقاً بَيْنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }.
إذن: فكل ما يفتت جماعة المسلمين هو أمر ضار بمصلحة الإسلام؛ لأن الإسلام يريد أن يعلم الناس أنهم قوة مجتمعة، ويكون أمر هذه القوة واضحاً؛ ولهذا أباح الحق أن تصلي الصلوات في أي مكان، وحتَّم أن نصلي جميعاً يوم الجمعة في مكان واحد؛ ليفرح المسلمون حين يرون أنفسهم مقبلين على الدين، ويلتقي كل واحد منهم بالآخر؛ ولذلك كان مسجد الضرار هذا تفريقاً بين المسلمين.
ثم يقول سبحانه:
{ وَإِرْصَاداً لِّمَنْ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ } والإرصاد هو الترقب، ولذلك يقال: لقد استمر القوم في المكان الفلاني لرصد فلان، أي: أنهم أناس يترقبون مجيئه بمكان ليفتكوا به، وهذا هو ترقب الكراهية لا ترقب الحب. والذين أقاموا هذا المسجد أرصدوه مترقبين ومنتظرين إنساناً له سابقة في عداء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي طلب منهم إقامة هذا المسجد وهو "أبو عامر الراهب" وقد سماه رسول الله "الفاسق".
وأبو عامر هذا رجل تنصَّر في الجاهلية، ولم تكن الجاهلية بيئة ديانات، فمن كان مثلاً يسافر إلى مكان ويسمع بدين فهو يأتي به ليدعوا لهذا الدين ويترأس من يتبعونه، وأبو عامر من هؤلاء الذين تنصَّروا وصاروا في المدينة، فلما جاء رسول الله ليبطل كل هذه الأشياء في المدينة وزالت رياسته، عادَى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى قال له في أحد: ما رأيت قوماً يقاتلونك إلا قاتلتك معهم. وحين تمكن الإسلام في المدينة فر إلى مكة، ولما فتحت مكة فرّ إلى الطائف، فلما آمن أهل الطائف، لم يجد له وطناً فذهب إلى الروم "بالشام". ثم كتب للمافقين أن أعدّوا مسجداً؛ لأني سأتي لكم بقوة من ملك الروم؛ لأهاجم محمداً وأحاربه وأخرجه من المدينة.
إذن: فهم قد بَنَوْا ذلك المسجد ضراراً، وكفراً، وتفريقاً، وإرصاداً، أي: ترقباً وانتظاراً لذلك الراهب الذي سيذهب إلى الشام ويأتي بجنود لمحاربة الله ورسوله. ورغم أنهم قد فعلوا ذلك، فقد امتلكوا جراءة الطلب من رسول الله أن يصلي معهم فيه بهدف ترسيم هذا المكان مسجداً ليصلي فيه الناس ما دام رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلى فيه، وظنوا أن هذه المكيدة سوف تفلح، ولكن الله الذي يحرس نبيه، ويحرس دينه من المنافقين، كشف له حقيقة هذا المسجد.
وقد يتغافل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنافقين بعض الشيء لحكمة، فهم قد أخذوا بالإسلام لوناً من الصحبة، ولم يفضحهم أولا حتى لا يقال: إن محمداً يحارب أصحابه؛ لذلك فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلم ما لم يكن يعلمه غيره؛ لذلك أراد أن يحمي الإسلام من لسان من لم يعلم. ولكن بعد أن انكشف الأمر أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم "مالك بن الدُّخْشم" و "عامر بن السكن"، و "وحشيّ" قاتل حمزة، و "معن بن عدي" ليهدموا هذا المسجد، وأن يجعلوا في موضعه مكان "القمامة". وبذلك فُضِحَ المنافقون، فَأسرُّوها في نفوسهم.
وأنت إذا رأيت من عدوك فعلاً تكرهه، فعليك أولاً أن تفسد عليه الفعل، هذه أول مرحلة، فإذا تكرر الفعل منه، ولم يرتدع، لا بد أن تضعه في مكانه اللائق به. والمنافقون أرادوا بهذا المسجد الضرر والإضرار بالإسلام، وكان يجب أن يكفوا عن مثل هذا العمل ما دام الحق قد كشفهم. لكنهم لم يكفوا، وظلوا سادرين في العداوة للإسلام؛ لذلك كان لا بد كما تخلصت أولاً من الفعل أن تتخلص من الفاعل؛ لذلك أصبحوا خائفين من أن يتجه الردع إلى الفاعل، والحق سبحانه يقول:
{ { يَحْذَرُ ٱلْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ ٱسْتَهْزِءُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ } [التوبة: 64].
ونعلم أن المريب يكاد أن يقول: خذوني. إنه بسلوكه إنما يدل على نفسه، ويأتي القرآن في سورة ثانية فيقول:
{ { وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ... } [المنافقون: 4].
وهم يتصرفون هكذا لأن الريبة تملأ أعماقهم، وكلما رأى واحد منهم مؤمناً يسير إلى ناحيته يظن أنه جاء ليؤدبه ضرباً أو قتلاً.
والحق سبحانه يقول هنا:
{ وَإِرْصَاداً لِّمَنْ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ }، وكلمة { مِن قَبْلُ } فيها إيحاء بأن لهم سوابق في محاربة رسول الله بغرض أن يؤذوه صلى الله عليه وسلم، ولكن الحق سبحانه يحميه دائماً، ولم يعد هناك مكر أو حرب يمكن أن ينالوا بها منه صلى الله عليه وسلم.
وفي هذا الأمر أمثلة كثيرة، فالقرآن حينما يقص على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحوال اليهود ويوضح له:
{ { وَيَقْتُلُونَ ٱلنَّبِيِّينَ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ ... } [البقرة: 61].
أليس هذا القول يدفع في خاطره احتمال أن يقتلوه؟ بلى فهم ما دامت عندهم الجرأة على قتل الأنبياء فما الذي يمنعهم من قتله؟ لكن الحق يطمئنه ويكبتهم ويقطع عندهم الأمل، ويأتي قوله الحق:
{ { فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَآءَ ٱللَّهِ مِن قَبْلُ ... } [البقرة: 91].
وقوله: { مِن قَبْلُ } هنا يعني أن ذلك لن يحدث الآن، فقد اختلف الموقف. وهكذا طمأن الله رسوله صلى الله عليه وسلم، وبذلك كُبتت هذه الفكرة إن فكروا فيها.
وأيضاً حين يأتي القرآن بشيء في نيتهم أن يفعلوه، ولم يفعلوا بعد، ويفضحهم القرآن بإعلان ما في نيتهم، ومن غبائهم فهم يفعلون الأمر المفضوح، ولو كان عندهم قليل من ذكاء لامتنعوا عن فعل ما فضحهم به القرآن.
ويتمثل ذلك في أحد المواقف التي يحلفون فيها، ولو كان فيهم رجل رشيد يملك التفكير المتوازن لقال لهم: إنكم سوف تحلفون { إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ ٱلْحُسْنَىٰ } فلا تحلفوا حتى يشك المسلمون في القرآن، ومن غبائهم أيضا أنهم حلفوا في أمر لهم فيه اختيار أن يفعلوه أو لا يفعلوه، مثلما قال الحق سبحانه:
{ { سَيَقُولُ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَ ٱلنَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ ٱلَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا ... } [البقرة: 142].
إنهم لم يكونوا قد قالوا بعد، وأنزل الحق ذلك في قرآن يتلى كل صلاة، ويعرفه كل مسلم، فيكف يقولون نفس القول بعد أن نزل به القرآن؟ لقد فعل اليهود ذلك؛ وهم بهذا الفعل قد اختاروا أن يكونوا سفهاء، ولم يخرج منهم عاقل واحد يحثهم على ألا يقولوا.
وهنا يقول الحق: { وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ ٱلْحُسْنَىٰ } والحق هنا قد أكد الأمر حين جاء بلام القطع. وهم قد أقسموا وقالوا: ما أردنا باتخاذ هذا المسجد إلا مصلحة المسلمين ولنيسر على المعذورين والمرضى، والعاجزين عن السير إلى المسجد الآخر، وإن كانت ليلة مطيرة أو ليلة شاتية، فيستطيع الناس أن يجدوا مسجداً ثانياً ليصلوا فيه، ولكن حكم الله ينزل { وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }.
ويقول الحق بعد ذلك:
{ لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ... }.