التفاسير

< >
عرض

وَلَمَّا فَصَلَتِ ٱلْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ
٩٤
قَالُواْ تَٱللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ ٱلْقَدِيمِ
٩٥
فَلَمَّآ أَن جَآءَ ٱلْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ فَٱرْتَدَّ بَصِيراً قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إِنِّيۤ أَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
٩٦
قَالُواْ يٰأَبَانَا ٱسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَآ إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ
٩٧
قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيۤ إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ
٩٨
فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ٱدْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ آمِنِينَ
٩٩
وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى ٱلْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدَاً وَقَالَ يٰأَبَتِ هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً وَقَدْ أَحْسَنَ بَيۤ إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ ٱلسِّجْنِ وَجَآءَ بِكُمْ مِّنَ ٱلْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ ٱلشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِيۤ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَآءُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ
١٠٠
رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ ٱلْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي ٱلدُّنُيَا وَٱلآخِرَةِ تَوَفَّنِى مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِٱلصَّالِحِينَ
١٠١
ذَلِكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ
١٠٢
وَمَآ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ
١٠٣
-يوسف

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم

{ وَلَمَّا فَصَلَتِ }: خرجت { ٱلْعِيرُ }: من مصر إلى جانب يعقوب، { قَالَ أَبُوهُمْ }: لمن حضره: { إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ }: وكانت مسيرة ثمانية أيام { لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ }: تنسبوني إلى الفَنَد، حدوث فساد عقل للهرم، ولا يجوز: عجوزة مفندة، وجوابه: لصدقتموني، { قَالُواْ تَٱللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ ٱلْقَدِيمِ }: من حبه،{ فَلَمَّآ أَن جَآءَ ٱلْبَشِيرُ } يهوذا الذي بقميص الدَّم، { أَلْقَاهُ }: الثوب، { عَلَىٰ وَجْهِهِ فَٱرْتَدَّ }: عاد، { بَصِيراً قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إِنِّيۤ أَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ }: بتعليمه ، { مَا لاَ تَعْلَمُونَ * قَالُواْ يٰأَبَانَا ٱسْتَغْفِرْ لَنَا }: من ربنا، { ذُنُوبَنَآ إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ * قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيۤ }: أَخَّرَهُ إلى السَّحَرِ أو سحر الجمعة أو الاستحلال من يوسف، { إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ * فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ }: حين استقبلهم مع أربعة آلاف من عُظماء مصر، { آوَىٰ }: ضمَّ، { إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ }: أباه وأمه أو خالته، { وَقَالَ ٱدْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ آمِنِينَ }: من المكاره، والمشيئة متعلقة بالدخول مع الأمن فجلس على سريرهِ { وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى ٱلْعَرْشِ }: سريره، { وَخَرُّواْ }: أبواه وأخوته، { لَهُ سُجَّداً }: للتواضع لجوازها في دينهم، { وَقَالَ يٰأَبَتِ هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ }: الشمس والقمر لأبويه وأحد عَشَرَ كَوْكَباً لإخوته، { قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً } صدْقاً، كان بينهما أربعون أو ثمانون سنة، وقيل خمسٌ وأربعون { وَقَدْ أَحْسَنَ بَيۤ إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ ٱلسِّجْنِ }: سكَتَ عن الجُبِّ لقوله: لا تثريب { وَجَآءَ بِكُمْ مِّنَ ٱلْبَدْوِ }: إذ كانوا أهل بادية ومواشي، { مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ }: أفْسدَ { ٱلشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِيۤ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ }: تدبيره، { لِّمَا يَشَآءُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَلِيمُ } بامصالح { ٱلْحَكِيمُ }: في الأفعال، فبقي يعقوب عنده أربعاً وعشرين سنة، فمات ونقلوه إلى الشَّام، فبقي يوسف ثلاثاً وعشرين سنةً ثم اشتاق إلى الملك المخلد وقال: { رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ } بعض { ٱلْمُلْكِ } أي: مصر { وَعَلَّمْتَنِي مِن }: بعض، { تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ }: الرؤيا، { فَاطِرَ }: مبدع، { ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي }: ناصري، { فِي ٱلدُّنُيَا وَٱلآخِرَةِ تَوَفَّنِى }: اقبضني، { مُسْلِماً }: ودعاؤُه هذا لإظهار العبوديَّة وتعليم الأمة هو تمني الموت على الإسلام، لا تمني الموت، { وَأَلْحِقْنِي بِٱلصَّالِحِينَ }: من آبائي فمات بعد أسبوع وله مائة وعشرون سنة، فتخاصموا في مدفنه ثم تصالحا على جعله في صندوقٍ مرمر ودفنه في أعلى النيل لتعمَّ بركته، ففعلوا ثم نقله موسى - عليه السلام - إلى مدفن آبائه، { ذَلِكَ }: نبأ يوسف، { مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ }: يا محمد { وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ }: إخوة يوسف، { إِذْ أَجْمَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ }: عزموا على أمرهم { وَهُمْ يَمْكُرُونَ }: فإنما ذلك بالوحي، إذ قال في موضع آخر: { مَا كُنتَ تَعْلَمُهَآ } [هود: 49].. ألخ آخر، { وَمَآ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ } على إيمانهم، { بِمُؤْمِنِينَ }: لشقاوتهم الأزلية.