التفاسير

< >
عرض

ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَّمْلُوكاً لاَّ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
٧٥
وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَآ أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٧٦
وَلِلَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَآ أَمْرُ ٱلسَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ ٱلْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٧٧
وَٱللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلْسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
٧٨
أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ ٱلطَّيْرِ مُسَخَّرَٰتٍ فِي جَوِّ ٱلسَّمَآءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ ٱللَّهُ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لأَيٰتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
٧٩
وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّن جُلُودِ ٱلأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَآ أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَىٰ حِينٍ
٨٠
-النحل

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم

{ ضَرَبَ }: جعل،{ ٱللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَّمْلُوكاً }: لآخَرَ { لاَّ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ }: من التصرف، لا كالمأذون، هذا مثل الأصنام، وقيل: مثل كافر لم يقدم خيراً، { وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً }: مثلٌ له تعالى، وقيل: للمؤمن فإنه كالحر يعمل بنفسه لله تعالى، { هَلْ يَسْتَوُونَ }: جنسها، أي: العبيد والأحرار، { ٱلْحَمْدُ } كلُّه { لِلَّهِ }: فقط { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }: ذلك فيعبدون غيره، { وَضَرَبَ }: جعل، { ٱللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَآ أَبْكَمُ }: وُلِدَ أخرس، { لاَ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ }: من الصنائع، { وَهُوَ كَلٌّ }: ثقيل، { عَلَىٰ مَوْلاهُ }: أفهم أنه مملوك، { أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ }: سيده، { لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ }: هذا مثل الأصنام أو الكفار، { هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن } هو منطيقٌ رشيد، { يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَهُوَ } نفسهُ { عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }: أينما توجه بلَغَهُ، هذا مثله تعالى أو المؤمنين { وَلِلَّهِ غَيْبُ }: عِلْمُ ما غَاب في { ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَآ أَمْرُ }: قيام، { ٱلسَّاعَةِ }: سرعة وسهولة، { إِلاَّ }: كما يقولون فيه هو، { كَلَمْحِ ٱلْبَصَرِ }: كرجع الطرف من أعلى الحدقة إلى أسفله، ثم قال تعالى: { أَوْ } بل { هُوَ أَقْرَبُ } في السرعة، وعلى هذا لا يردُ أنَّ (أو) للشك، و"بل" للرجوع عن الإخبار وهما محال على الله تعالا، وكذا نظائر، نحو { مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ } [الصافات: 147] { أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً } [البقرة: 74] أي: كونوا فيها على هذا الظن { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }: ومنه بعثهم { وَٱللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ }: أنشأ، { لَكُمُ ٱلْسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ }: أي: أدوات معارفكم الجزئية والكلية، { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }: بصرفها في المعارف كما بينَّه بقوله: { أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ ٱلطَّيْرِ مُسَخَّرَٰتٍ }: مُذلّلات للطيران بما خُلق له من الأجنحة،{ فِي جَوِّ ٱلسَّمَآءِ }: هذا العلو، { مَا يُمْسِكُهُنَّ }: فيه، { إِلاَّ ٱللَّهُ }: فإن ثقلها بلا علاقة ودعامة يقتضى سقوطها، { إِنَّ فِي ذٰلِكَ }: الخلق والتسخير والإمساك، { لأَيٰتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (*) وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً }: مسكوناً موضعاً تسكنونه { وَجَعَلَ لَكُمْ مِّن جُلُودِ ٱلأَنْعَامِ }: وما عليها من الشعر، { بُيُوتاً }: كما لأكثر العرب، { تَسْتَخِفُّونَهَا }: تجدونها خفيفة، { يَوْمَ ظَعْنِكُمْ }: ترحالكم، { وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ }: حَضَركم، أو وقت نزولكم { وَمِنْ أَصْوَافِهَا } للضَّأْن، { وَأَوْبَارِهَا }: للإبل { وَأَشْعَارِهَآ }: للمعز { أَثَاثاً }: أمتعة لبيوتكم كالفُرش { وَمَتَاعاً }: ما يتجر به: { إِلَىٰ حِينٍ }: مُدَّةً مديدةً.