التفاسير

< >
عرض

وَجَعَلْنَا ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَآ آيَةَ ٱلَّيلِ وَجَعَلْنَآ آيَةَ ٱلنَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً
١٢
وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً
١٣
ٱقْرَأْ كِتَٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً
١٤
مَّنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً
١٥
وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا ٱلْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً
١٦
وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرَاً بَصِيراً
١٧
مَّن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً
١٨
-الإسراء

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم

{ وَجَعَلْنَا ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ آيَتَيْنِ }: تدُلاَّن على قدرتنا { فَمَحَوْنَآ آيَةَ ٱلَّيلِ }: هو المحو الذي على القمر أو انتقاص نوره إلى المحاق { وَجَعَلْنَآ آيَةَ ٱلنَّهَارِ مُبْصِرَةً }: مضيئة أو بينة، { لِتَبْتَغُواْ }: فيه، { فَضْلاً }: أسباب مَعَاشكم، { مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ } بهما، أو بآية الليل، { عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلْحِسَابَ }: ولا تكرار إذ العَددُ موضوع الحساب، { وَكُلَّ شَيْءٍ }: تحتاجون إليه، { فَصَّلْنَاهُ }: بيناه بلا التباس { تَفْصِيلاً * وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ }: عمله، أو ما قُدِّر له { فِي عُنُقِهِ }: كلزوم الطوق لا ينفك عنه، { وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً } يقال له: { ٱقْرَأْ كِتَٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ } ذكر بتأويله شَخْصك { ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً }، مُحاسباً، وهذا في غير موقف يحاسبهم بنفسه، حيث قال: { { وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ } [الأنبياء: 47] { مَّنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا }: نفعه، وضره لا يتعديانه، { وَلاَ تَزِرُ } تحمل نفس { وَازِرَةٌ }: حاملة، { وِزْرَ }: نفس، { أُخْرَىٰ }: بُيِّنَ في الأنعام، { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً }: فلا يؤمن به، فمن نشأ حيثُ لم يسمع برسول فمعذور { وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا }: أَمْراً قَدَريًّا، { مُتْرَفِيهَا }: مُنعِّميها بالفسق أو كثرناهم، أو جعلناهم أُمَراء، أو أمرناهم بالطاعة، فلا ينافي إنّ الله لا يأمر بالفحشاء وتخصيصهم على الأول، لأنهم أسرع إلى الحماقة والفجور وغيرهم يتبعهم { فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا ٱلْقَوْلُ }: كلمة العذابِ { فَدَمَّرْنَاهَا }: استأصلناها، { تَدْمِيراً }: ومضى حكم الساكتين عن نهيهم في قوله: { { وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً } ... [الأنفال: 25]: الخ، { وَكَمْ }: كثيرا، { أَهْلَكْنَا مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ }: هو أوَّلُ من كذبوه، { وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرَاً }: ببواطنها، { بَصِيراً }: بظواهرها، { مَّن كَانَ يُرِيدُ }: بطاعته، { ٱلْعَاجِلَةَ }: الدنيا فقط كالمنافقين، فلا يفهم أن من لم يزهد فيها يكون من أهل النار، { عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ }: تعجيله له، { ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً }، { مَّدْحُوراً }: مطروداً.