الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
وأيضا: الأول في نفسه شر، والثالث خير، والثاني خير ، والثاني ممتزج وأيضا: العارف في أوله ينظر إلى نفسه وأعماله،ثم إلى نفسه وخالقه، ثم لا يرى إلا الخالق {وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي ٱلْقَرْنَيْنِ}: الأصــح أنه إسكندر اليوناني الذي طاف بالبيت مع إبراهيم وكان وزيره الخضر، وصفحتنا رأسه من النحاس، وبلغ قرني الدنيا، أي طرفيها، وقيل: هو الرومي الذي قبل المسيح بثلاثمائة سنة، ووزيره أرسطو، {قُلْ سَأَتْلُواْ عَلَيْكُم مِّنْهُ}: من ذي القرنين {ذِكْراً * إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ}: أمروه {فِي ٱلأَرْضِ}: بالتصرف فيها كيف شاء، {وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ}: أراده، {سَبَباً}: وصلة إليه من العلم والقدرة والآلة، {فَأَتْبَعَ سَبَباً}: وصلة إلى المغرب أو طريقا {حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ ٱلشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ}: مطمح نظره أو حقيقة؛ فإنَّ الشمس في السماء الرابعة، وهي مثل الارض مائة وستين مرة، ولذا ما قال: كانت تغرب، {فِي عَيْنٍ}: ذات، {حَمِئَةٍ}: طين أسود، وحامية أي: حارة {وَوَجَدَ عِندَهَا}: عند العين {قَوْماً}: كفارًا {قُلْنَا}: له وحيا إليه أو إلى بني زمانة أو إلهاما: {يٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ إِمَّآ أَن تُعَذِّبَ}: بالقتل ونحوه {تُعَذِّبَ وَإِمَّآ أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً}: بإرشادهم، فاختار الحسن حيث قال: {أَمَّا مَن ظَلَمَ}: بإصرار على الكفر، {فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ}: بالقتل {ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً}: منكراً لم يعهد مثله، {وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَآءً ٱلْحُسْنَىٰ}: أي: الجنة والإضافة بيانية، ونصباً حال، أي: فله الحسنى مجزياً بها {وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا}: ما نأمر به أمرا، {يُسْراً}: عملاً لا شاقاً {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً}: وصلة إلى الشرق {حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ ٱلشَّمْسِ}: أول مكان طلوعها من المعمورات { وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْم}: هم الزنج، {لَّمْ نَجْعَل لَّهُمْ مِّن دُونِهَا}: دون الشمس، {سِتْراً}: من اللباس، أو من الأبنية والأشجار، والمراد دوام طلوعها عليهم في الصيف فوق الأرض، هذا وراء بربرة من تلقاء بلغار تدور الشمس فيه بالصيف ظاهرة فوق الأرض لكن لا تسامته رؤسهم اُسس ذي القرنين، {كَذَلِكَ}: المذكور في الملك، {وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْراً}: من كثرة الأسباب { خُبْراً}: علما، {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً}: وصلة بين المشرق والمغرب، {حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ}: جبلا أرمينية من أذربيجان المبنّي بينهما السد ، { وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْماً لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً}: لقلة فطانتهم {قَالُواْ}: القوم {يٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ}: قبليتين من ولد يافث، أو يأجوج من الترك، ومأجوج من الجبل {مُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ}: أرضنا، {لأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً}: جعلاً {عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً}: يمنعهم عنَّا {قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي}: من المال والملك، {خَيْرٌ}: من خرجكم {فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ}: ما اتقوى به من الآلات، {أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً}: حاجزا حصينا، وهو أكبر من السدَّ {آتُونِي زُبَرَ}: قطع {ٱلْحَدِيدِ}: أي: ناولوني، فلا ينافى ردَّ الخرج فأتوا به، {حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ}: امتلأ، {بَيْنَ ٱلصَّدَفَيْنِ}: جانبي الجبلين وازى روُسهما بجعل بجعل الفحم والحطب في خلال الزُّبر {قَالَ}: للعملة: {ٱنفُخُواْ حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَاراً}: كالنار بالإحماء {قَالَ آتُونِيۤ أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً}: نحاسا مُذابا ليشتدَّ {فَمَا ٱسْطَاعُوۤاْ أَن يَظْهَرُوهُ}: يعلو لملاسته، {وَمَا ٱسْتَطَاعُواْ لَهُ نَقْباً}: لشدته وثخنه {قَالَ}: ذو القرنين: {هَـٰذَا}: السد، {رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي}: على عباده، {فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ}: أي: وقت وَعْدِ {رَبِّي}: بخروجهم أو قرب { جَعَلَهُ دَكَّآءَ}: مداًّ: أرضًا مستوية، وقصراً: مدكوكاً، مستوٍ بالأرض، {وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً}: كائنا، تمت قصة ذي القرنين.
قال تعالى {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ}: بعض يأجوج ومأجوج، {يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ}: كموج الماء لكثرتهم، {وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ}: القرن كما مرّ {فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً}: للمجازاة، {وَعَرَضْنَا}: أظهرنا، {جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضاً * ٱلَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَآءٍ}: غشاوةٍ {عَن}: رؤية {ذِكْرِي}: آياتي اعتبارا، {وَكَانُواْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً}: لكلامي لصممهم عن الحق، {أَفَحَسِبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَن يَتَّخِذُواْ}: أي: اتخاذهم، {عِبَادِي مِن دُونِيۤ أَوْلِيَآءَ}: لا يغضبني؟! {إِنَّآ أَعْتَدْنَا}: أعددنا {جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً}: ما يُهيَّأُ للضيف أوَّلَ نُزُوْله، فكيف بالضيافة؟ {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِٱلأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً}: جمع التمييز لتنوع الاأعمال هم {ٱلَّذِينَ ضَلَّ}: بطل {سَعْيُهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً}: لعجبهم وجهلهم، {أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ}: بطلت {أَعْمَالُهُمْ}: لكفرهم، {فَلاَ نُقِيمُ}: نجعل {لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَزْناً}: قدراً، أو: نزن أعمالهم لا نحباطها، وأما قوله { وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ } }: ففي العصاة، الأمر {ذَلِكَ جَزَآؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ وَٱتَّخَذُوۤاْ آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً}: لم يعتبروها، {إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ ٱلْفِرْدَوْسِ}: أعلى الجنة {نُزُلاً}: كما مرَّ {خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً}: تحوُّلاً {قُل لَّوْ كَانَ ٱلْبَحْرُ}: ماؤه؛ { مِدَاداً}: ما يستمد به الكاتب الكلمات وهي الدالة على حكمه، {لَنَفِدَ ٱلْبَحْرُ}:ماؤه؛ لأنه متناه، {قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي}: لأنها غير متناهية، {وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ}: بمثل البحر موجود، {مَدَداً}: معونةً {قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ}: خُصصْتُ بالوحي، {فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ}: يمطعُ في حُسْن لقائـهِ {فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً}: موافقا للـشرع، {وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ}: أي: فيها {أَحَدَاً}: بالرياء ، أو طلب أجرٍ، كمن يسره أن يطلع على عمله والمراد: الشرك الخفي، ودل عليه الحديث.