الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
{ وَقَالُواْ }: أهل الكتاب للمؤمنين، وفيه لف لكلام الفريقين، أو قول اليهود: { كُونُواْ هُوداً }: جمع هائد { أَوْ نَصَارَىٰ }: قائلة للنصاري، { تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ } نتبع { مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً } مائلاً عن الباطل، حال من بعد المضاف أو المضاف إليه، { وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ }: تعريض المخاطبين { قُولُوۤاْ }:، أيها المؤمنين، { آمَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنْزِلَ إِلَيْنَا }: القرآن وما أنزل من الوحي، { إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلأَسْبَاطِ }: أولاد يعقوب وفيهم الأنبياء، { وَمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ ٱلنَّبِيُّونَ } كُلّهُم، { مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ }: في نبوتهم، بخلاف اليهود { وَ }: قولوا، { نَحْنُ لَهُ } لله { مُسْلِمُونَ }: مُنْقَادُون، { فَإِنْ آمَنُواْ }: أهل الكتاب، { بِمِثْلِ مَآ آمَنْتُمْ بِهِ }: من باب التعجيز نحو: { فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ } [البقرة: 23] أو المثل، أو الباء صلة { فَقَدِ ٱهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ }: خلاف، { فَسَيَكْفِيكَهُمُ ٱللَّهُ }: السين للتحقيق وإن تأخر، { وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ }: الزموا، { صِبْغَةَ ٱللَّهِ }: فطرته التي فطر الناس عليها من بداية العقول أو معرفة حسن العدالة وطلب الحق، وقيل: هي التطهير، عبر بها عن مشاكلة وهي التعبير عن الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته قَالاً أو حالا، فإن النَّصارى يغمسون أولادهم في ماءٍ أصْفَر زاعمين أنهم يتنصرون به، { وَمَنْ } أي: لا أحد، { أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبْغَةً }: فطرة، { وَ } قولوا: { نَحْنُ لَهُ عَابِدونَ * قُلْ } لأهل الكتاب: { أَتُحَآجُّونَنَا } تجادلوننا في دين { فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ }: فكل منا يُجْزَى بعمله، { وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ }: في الإيمان دونكم، { أَمْ }: بَلْ { تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَـاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُواْ هُوداً }: عِنْدَ اليَهُوْدِ { أَوْ نَصَارَىٰ }: عَنْدَ النصارى { قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ ٱللَّهُ } إذْ قَالَ: { مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً } [آل عمران: 67]، { وَمَنْ }: لا أحد، { أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ ٱللَّهِ }: أي: شهادة الله لهؤلاء، إذ في التوراة أنهم ما كانوا منهما فَكَتَمُوْه، { وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ * تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }: كرر تأكيداً وزجراً لكثرة المتكلمين بصلاح آبائهم.