التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ قَالُوۤاْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ
١١
أَلاۤ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلْمُفْسِدُونَ وَلَـٰكِن لاَّ يَشْعُرُونَ
١٢
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَآ آمَنَ ٱلنَّاسُ قَالُوۤاْ أَنُؤْمِنُ كَمَآ آمَنَ ٱلسُّفَهَآءُ أَلاۤ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلسُّفَهَآءُ وَلَـٰكِن لاَّ يَعْلَمُونَ
١٣
وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَالُوۤا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوۤاْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ
١٤
ٱللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ
١٥
-البقرة

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ } بنحو الكفر وافشاء سر المسلمين في الكفار { قَالُوۤاْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ } نداري المؤمنين والكفار اصلاحاٍ بينهما، والفساد: الخروج عن الإعتدال، والصلاح ضده، ويعمان كُلَّ ضُرٍّ وَنَفْع { أَلاۤ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلْمُفْسِدُونَ وَلَـٰكِن لاَّ يَشْعُرُونَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَآ آمَنَ ٱلنَّاسُ } الصَّحَابةُ، دَلَّ على قيول توبة الزنديق، وَهُوَ مُظْهِرُ الإسْلاَم مبطن الكفر { قَالُوۤاْ أَنُؤْمِنُ كَمَآ آمَنَ ٱلسُّفَهَآءُ } أي: الناس، والسَّفَهُ: خِفِّةُ الرَّأْي، ويقابله الحلم { أَلاۤ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلسُّفَهَآءُ وَلَـٰكِن لاَّ يَعْلَمُونَ } خَصَّهُ بالعلم؛ لاحتياج الفرق بين الحق والباطل إلى مزيد نظر بخلاف قيح النفاق فإنه يُعْرَفُ بأدنى شعور { وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَالُوۤا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ } انفردوا { إِلَىٰ } مَعَ { شَيَاطِينِهِمْ }. من أصحابهم { قَالُوۤاْ إِنَّا مَعَكُمْ } في الدين { إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ } لاعبون بالمؤمنين، والجملتان قصة واحدة لبيان نفاقهم فلا تكرار{ ٱللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ } أراد غايته كَمَا مَرَّ أو جَزَاءَهُ، و أشار بالمضارع إلى تجدده، ومنه: { { أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ } [التوبة: 126] { وَيَمُدُّهُمْ } يزيدهم ويقويهم { فِي طُغْيَانِهِمْ } غلوهم في الكفر { يَعْمَهُونَ } يتحيرون، العمهُ: عدم الدراية بسلوك الطريق والمعتزلة [يمنعهم إسناد القبيح إليه -تعالى-] يؤلون الآية [ ونظائرها بمَجَازاتً بعيدةً، جاهلين بأن لا قبيح بالنسبة إليه -تعالى- فلا يتصور في افعاله ظلم إذ له التصرف في ملكه كيف يشاء وإنما يوصف به وبأمثاله أفعالنا باعتبار كسبنا وقيامها بنا فقط -كما سيأتي- ولا يجوز صرف الكلام عن ظاهره إلَّا ببُرْهانٍ يمنعه كَمَا بُيِّن في موضعه -والله أعلم].